يأذن الله لمن يشاء، وهذه الشفاعة في الحقيقة هي منه ـ سبحانه وتعالى ـ لأنه هو الذي أذن وهو الذي رضي عن المشفوع وهو الذي وفقه للعمل الذي استحق به الشفاعة، أما متخذ الشفيع فهو مشرك لا تنفعه شفاعته ولا يشفع فيه.
النوع الثاني: الشفاعة المثبتة:
ذكرنا فيما تقدم أن السورة دلت على نوعي الشفاعة، المنفية، والمثبتة وتقدم الكلام على الشفاعة المنفية وهي التي أثبتها المشركون لآلهتهم الباطلة وذكرنا أن قوله تعالى: {قُلْ لله الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .
هذه الآية من السورة دلت على الشفاعة المثبتة.
فالآية كما قدمنا قريباً دلت على أن الشفاعة كلها لله تعالى لأن الأمر كله له وبيده ـ سبحانه ـ وكل شفيع يخافه ولا يقدر أي مخلوق كائناً من كان أن يشفع عنده بدون إذنه مهما كانت مكانته، فإذا أراد ـ سبحانه ـ رحمة عبد من عبيده أذن للشفيع أن يشفع عنده رحمة بالاثنين فله ـ سبحانه ـ ملك السموات والأرض من الذوات والأفعال والصفات فالواجب على جميع العباد أن يطلبوا الشفاعة من مالكها ويخلصوا في الطلب علَّهم يحصلون على نصيب من ذلك.
وسنبين هنا حقيقة الشفاعة المثبتة وحكمها ثم نختم ذلك بذكر أنواعها:
حقيقة الشفاعة المثبتة:
لقد قيد القرآن الكريم الشفاعة المثبتة بشرطين:
الشرط الأول: إذن الله تعالى للشافع بالشفاعة قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإذْنِهِ} 1.
الشرط الثاني: رضاه عن المشفوع له قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} 2 وعلى هذين الشرطين فليس في مكانة الملائكة، أو أي مخلوق مَّا سوغ المشركون عبادته من دون الله ممن لا يملك النفع والضر. أن يشفع عند الله إلا بإذنه، ولا
1- سورة البقرة آية: 255.
2- سورة الأنبياء آية: 28.