في الشفعاء والأولياء، وأما من أراد الله فتنته فلا حيلة فيه {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً} 1.
ولقد حكم الله في كتابه على اتخاذ المشركين الشفعاء والأولياء بالكفر وأنهم كاذبون فيما يزعمون من أن معبوداتهم تشفع لهم عند الله وتقربهم إليه زلفى. قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} .
وهذه الآية من السورة بينت أن غاية المشركين من عبادتهم الأولياء أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، وذلك بتحصيل شفاعتهم وهذا من افتراء المشركين الباطل وقد تقدم الكلام على هذه الآية قريباً.
وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 2.
هذه الآية فيها الإخبار بذم المشركين الذين يعبدون الأصنام التي ليس لديها جلب نفع ولا دفع ضر وأبانت بأن مقصودهم من عبادتها هو الشفاعة عند الله كما أوضحت بأن ذلك شرك بالله العظيم نزه تعالى نفسه عنه.
قال الصنعاني3 رحمه الله تعالى: "فجعل الله تعالى اتخاذهم للشفعاء شركاً ونزه نفسه عنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فكيف يثبتون شفعاء لهم لم يأذن الله لهم في شفاعة ولا هم أهل لها، ولا يغنون عنهم من الله شيئاً" اهـ4.
وقال تعالى مبطلاً للشفاعة الشركية وقاطعاً منافذ الشرك فيها بالكلية {قُلِ ادْعُوا
1- سورة الكهف آية: 17.
2- سورة يونس آية: 18.
3- هو: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن الحسين الكحلاني ثم الصنعاني أبو إبراهيم عز الدين المعروف بالأمير، وهو مجتهد له مؤلفات كثيرة أصيب بمحن كثيرة من الجهلاء والعوام ولد سنة تسع وتسعين وألف وتوفي سنة اثنتين ومائة وألف هجرية. انظر ترجمته في "البدر الطالع للشوكاني 2/133 ـ 139".
4- تطهير الإعتقاد ص11، وانظر "شذرات البلاتين" 1/281 ـ 283.