إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون"1.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنها قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 2.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب:
قوله: "وقالها محمد صلى الله عليه وسلم ... الخ" وذلك بعد ما كان من أمر أُحُد ما كان بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا الكرة عليهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة من الصحابة حتى انتهى إلى حمراء الأسد وهي من المدينة على ثلاثة أميال، ثم ألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فرجع إلى مكة ومر به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد المدينة قال: فهل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة أرسلكم بها إليه؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم فمرَّ الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان وأصحابه فقال: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 3.
"وروى الترمذي في جامعه عن عمر مرفوعاً: لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً"4.
ومعنى هذا أنه لا بد من الحركة والسعي في طلب الرزق فقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الطير تصبح جائعة ضامرة البطون ليس في حواصلها شيء من الطعام وترجع آخر النهار وقد امتلأت بطونها من رزق الله ـ تعالى ـ فالذي يجلس في بيته، أو في مسجده ويظن أن رزقه سيأتيه وهو متلبس بالعجز والكسل هذا إنسان جهل ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن التوكل.
1- صحيح البخاري مع الفتح 13/368 ـ 369، صحيح مسلم 4/2086، المسند 1/302.
2- صحيح البخاري 3/114.
3- تيسير العزيز الحميد ص444 والآية رقم 173 من سورة آل عمران.
4- سنن الترمذي 4/4.