على الله وحده لا على غيره وتركهم الإسترقاء والتطير هو من تمام التوكل على الله" اهـ1.
وجاء في قرة عيون الموحدين عقب قوله صلى الله عليه وسلم: "هم الذين لا سيسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" أي: لا يطلبون الرقية من أحد ولا يكتوون إذا كان فيهم ما يشتفي بالكي منه، ولا يتطيرون، والطيرة شرك فتركوا الشرك رأساً ولم يُنزلوا حوائجهم بأحد فيسألوه الرقية فما فوقها وتركوا الكي، وإن كان يراد للشفاء، والحامل لهم على ذلك قوة توكلهم على الله وتفويضهم أمورهم إليه، وأن لا تتعلق قلوبهم بشيء سواه في ضمن ما دبَّره وقضاه، فلا يرغبون إلا إلى ربهم، ولا يرهبون سواه، ويعتقدون أن ما أصابهم بقدره واختياره لهم فلا يفزعون إلا إليه وحده في كشف ضرهم قال تعالى عن يعقوب عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} 2 فالحديث بيّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن السبعين الألف حققوا مقام التوحيد الذي بعث الله الرسل من أجله وهو: أن يفرد ـ سبحانه ـ بالعبادة وحده لا شريك له، ومن أبرز صفاتهم الإيمانية التي اتصفوا بها أنهم لا يسألون غيرهم أن يرقيهم، ولا يكويهم، ولا يتشاءمون بالطيور كما كان يفعله أهل الجاهلية، وأنهم يتوكلون على ربهم ويعتمدون عليه في جميع أمورهم.
وجاء في تيسير العزيز الحميد عند قوله: "وعلى ربهم يتوكلون" ذكر الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال وهو التوكل على الله، وصدق الإلتجاء إليه والإعتماد بالقلب عليه الذي هو خلاصة التفريد ونهاية تحقيق التوحيد الذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء والرضى به رباً وإلهاً والرضى بقضائه بل ربما أوصل العبد إلى التلذذ بالبلاء. اهـ3.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على إفراد الله ـ تعالى ـ بعبودية التوكل وأنه لا يعتمد العبد إلا على الله ـ وحده ـ لا شريك له.
روى الشيخان بإسنادهما إلى ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم
1- حادي الأرواح ص89.
2- قرة عيون الموحدين ص36 والآية رقم 86 من سورة يوسف.
3- ص86.