حكاه عن نبيه موسى عليه السلام: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} 1.
وقال تعالى: {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 2. فهاتان الآيتان دلتا على أن صحة الإسلام والإيمان متوقفة على صحة التوكل.
وقال تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} 3. وهذه الآية فيها الأمر بالتوكل على الله، وأردف هذا الأمر بما هو الموجب للتوكل والمصحح له وذلك ما تضمنه قوله تعالى: {إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} فإن العبد إذا اتبع الحق وسار عليه كان مقتضى ذلك تحقيق مقام التوكل على الله ـ عز وجل ـ والاكتفاء به، والإيواء إليه دون سواه فإنه ـ تعالى ـ هو الحق وهو ولي الحق وناصره وكافي من قام به، فعلى صاحب الحق أن يقوي توكله على الله، ولا يخاف لأنه على الحق، ويقتدي بالرسل الكرام الذين قال الله عنهم {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} 4 فتعجبوا من تركهم التوكل على رب العالمين وقد منَّ عليهم بالهداية، وأخبروا بأن ذلك لا يكون أبداً وهذا من أبرز الأدلة على أن الهداية والتوكل متلازمان.
وقال تعالى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 5 "في هذه الآية دليل على أن التوكل على الله عبادة، وعلى أنه فرض، وإذا كان كذلك فصرفه لغير الله شرك"أ. هـ6.
ولقد جمع الله في كتابه العزيز بين التوكل والعبادة، وبين التوكل والإيمان وبين التوكل والإسلام، وبين التوكل والتقوى، وبين التوكل والهداية، وما ذلك إلا لتأكيد عبودية التوكل على كل إنسان، وليعلم أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان، ولجميع أعمال الإسلام، وأن منزلته منها منزلة الجسد من الرأس فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل.
1- سورة يونس آية: 84.
2- سورة المائدة آية: 23.
3- سورة النمل آية: 79.
4- سورة إبراهيم آية: 12.
5- سورة إبراهيم آية: 11.
6- تيسير العزيز الحميد ص439.