responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 399
وَسَلَّمَ - لَمَّا أَسْلَمَ: " «يَا عَمْرُو أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ " فَالدَّاعِي إِلَى الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ، وَإِنْ كَانَ أَضَلَّ غَيْرَهُ» ، فَذَلِكَ الْغَيْرُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَنْبِهِ ; لِكَوْنِهِ قَبِلَ مِنْ هَذَا وَتَبِعَهُ، وَهَذَا عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ بَقَاءِ أَوْزَارِ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا تَابَ هَذَا مِنْ ذَنْبِهِ غُفِرَ لَهُ ذَنَبُهُ، فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَلَا وِزْرُ مَنْ تَبِعَهُ، وَلَا مَا حَمَلَهُ هُوَ لِأَجْلِ إِضْلَالِهِمْ، وَأَمَّا هُوَ فَسَوَاءٌ تَابَ مَنْ أَضَلَّهُمْ أَوْ لَمْ يَتُبْ؛ حَالُهُمْ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّ تَوْبَةَ مِثْلِ هَذَا تَحْتَاجُ إِلَى ضِدِّ مَا كَانَ هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، كَمَا تَابَ كَثِيرٌ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ، وَصَارُوا دُعَاةً إِلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَسَحَرَةُ فِرْعَوْنَ كَانُوا أَئِمَّةً فِي الْكُفْرِ وَتَعْلِيمِ السِّحْرِ، وَتَعَلَّمُوا ثُمَّ أَسْلَمُوا وَخُتِمَ لَهُمْ بِخَيْرٍ، وَكَذَا قَاتِلُ النَّفْسِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ مَقْبُولَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لَا تُقْبَلُ، وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، وَحَدِيثُ قَاتِلِ الْمِائَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَيَرُدُّ ذَلِكَ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَآيَةُ {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَآيَةُ النِّسَاءِ إِنَّمَا فِيهَا وَعِيدُ قَاتِلِ النَّفْسِ إِذَا لَمْ يَتُبْ؛ كَسَائِرِ وَعِيدِ الْقُرْآنِ، وَقَالَ: وَكُلُّ وَعِيدٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّوْبَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، فَبِأَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ وَعِيدُ الْقَاتِلِ لَاحِقًا بِهِ وَإِنْ تَابَ؟ ! هَذَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِمَعْنَى لَا تُسْقِطُ حَقَّ الْمَظْلُومِ بِالْقَتْلِ، وَإِنَّمَا التَّوْبَةُ تُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ، وَالْمَقْتُولُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِحَقِّهِ، فَهَذَا صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ حَتَّى الدَّيْنِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " الشَّهِيدُ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ ". وَحَقُّ الْآدَمِيِّ يُعْطَاهُ مِنْ حَسَنَاتِ مَنْ ظَلَمَهُ، فَمِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ أَنْ يَسْتَكْثِرَ الْعَبْدُ مِنَ الْحَسَنَاتِ لِيُوَفِّيَ غُرَمَاءَهُ، وَتَبْقَى لَهُ بَقِيَّةٌ يَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ. قَالَ: وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَأَى أَنَّ الْقَتْلَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ بَعْدَ الْكُفْرِ، فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِهِ حَسَنَاتٌ تُقَابِلُ حَقَّ الْمَقْتُولِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ سَيِّئَاتٌ يُعَذَّبُ بِهَا، وَهَذَا الَّذِي رَآهُ يَقَعُ فِي بَعْضِ النَّاسِ، فَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ، وَعَجَزَ عَنْ حَسَنَاتٍ تُعَادِلُ حَقَّ الْمَظْلُومِ هَلْ يُجْعَلُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ مَا يُعَذَّبُ بِهِ؟ هَذَا مَوْضُوعٌ دَقِيقٌ، عَلَى مِثْلِهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُنَافِي مُوجِبَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] الْآيَاتِ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست