responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 398
الْكُفْرِ مِنَ التَّوَثُّنِ، وَالتَّمَجُّسِ، وَالتَّهَوُّدِ، وَالتَّنَصُّرِ، إِذْ لَيْسَ عَلَيْنَا مَعْرِفَةُ الْبَاطِنِ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا الْمَأْخُوذُ عَلَيْنَا حُكْمُ الظَّاهِرِ، فَإِذَا بَانَ لَنَا فِي الظَّاهِرِ حُسْنُ طَرِيقَتِهِ وَتَوْبَتِهِ وَجَبَ قَبُولُهَا، وَلَمْ يَجُزْ رَدُّهَا لِمَا بَيَّنَّا وَأَنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ تَتَعَلَّقُ بِهَا.
قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لَهُمْ - يَعْنِي الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ - شُبْهَةً أُورِدُهَا إِلَّا أَنَّهُمْ حَكَوْا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَتَلَ زِنْدِيقًا، وَلَا أَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا رَأَى قَتْلَهُ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، سَاغَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ تَوْبَتُهُ لَا تُقْبَلُ بِدَلَالَةِ أَنَّ قَطَّاعَ الطَّرِيقِ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ، وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا عِنْدَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي غَيْرِ إِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُمْ، فَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَسْقُطِ الْقَتْلُ لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ، وَلَعَلَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنَى بِقَوْلِهِ " لَا تُقْبَلُ " فِي إِسْقَاطِ الْقَتْلِ فَيَكُونُ مَا قَبْلَهُ هُوَ مَذْهَبُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَ: وَكَمَنْ قَالَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُبْتَدِعِ، فَإِنَّا لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِمَظَالِمِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ هَذَا صِحَّةَ التَّوْبَةِ، كَالتَّوْبَةِ مِنَ السَّرِقَةِ وَقَتْلِ النَّفْسِ، وَغَصْبِ الْأَمْوَالِ صَحِيحَةٍ مَقْبُولَةٍ. وَالْأَمْوَالُ وَالْحُقُوقُ لِلْآدَمِيِّ لَا تَسْقُطُ، وَيَكُونُ الْوَعِيدُ رَاجِعًا إِلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ نَفْيُ الْقَبُولِ عَائِدًا إِلَى الْقَبُولِ الْكَامِلِ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَادًّا قَوْلَ مَنْ قَالَ: الدَّاعِيَةُ إِلَى الْبِدْعَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، قَالَ: وَيَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ الْإِسْرَائِيلِيِّ، وَفِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْتَ؟ وَهَذَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَلَيْسُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ، كَأَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَالْمَوْضُوعَةِ، وَمَا يُحْتَجُّ بِهِ، بَلْ يَرْوُونَ كُلَّ مَا فِي الْبَابِ مُحْتَجِّينَ بِهِ، وَقَدْ حَكَى هَذَا طَائِفَةٌ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَرِوَايَةً عَنْهُ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ مَعَ سَائِرِ مَذَاهِبِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْكُفْرِ، وَتَوْبَةُ مَنْ فَتَنَ النَّاسَ عَنْ دِينِهِمْ، وَقَدْ تَابَ قَادَةُ الْأَحْزَابِ، مِثْلُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ، بَعْدَ أَنْ قُتِلَ عَلَى الْكُفْرِ بِدُعَائِهِمْ وَحَضِّهِمْ عَلَيْهِ مَنْ قُتِلَ، وَكَانُوا أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلَامًا، وَغَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الدُّعَاةِ إِلَى الْكُفْرِ وَالْإِيذَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست