"بسم الله الرحمن الرحيم"
ابتدأ كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بحديث:
" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الر حيم فهو أقطع " [1] أخرجه ابن حبان من طريقين. قال ابن الصلاح: " والحديث حسن" [2].
ولأبي داود وابن ماجه: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله، أو بالحمد فهو أقطع " [3].
ولأحمد: " كل أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله، فهو أبتر أو أقطع " [4]. وللدارقطني عن أبي هريرة مرفوعا: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أقطع " [5].
والمصنف قد اقتصر في بعض نسخه على البسملة، لأنها من أبلغ الثناء والذكر للحديث المتقدم. وكان النبي صلي الله عليه وسلم يقتصر عليها في مراسلاته، كما في كتابه لهرقل عظيم الروم[6]. ووقع لي نسخة بخطه -رحمه الله تعالى- بدأ فيها بالبسملة، وثنى بالحمد والصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم وآله.
وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقي، وبالحمدلة نسبي إضافي، أي بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءا به.
والباء في "بسم الله" متعلقة بمحذوف، واختار كثير من المتأخرين كونه فعلا خاصا متأخرا.
أما كونه فعلا؛ فلأن الأصل في العمل للأفعال.
وأما كونه خاصا؛ فلأن كل مبتدئ بالبسملة في أمر يضمر ما جعل البسملة مبدأ له.
وأما كونه متأخرا، فلدلالته على الاختصاص، وأدخل في التعظيم، وأوفق للوجود; ولأن أهم ما يبدأ به ذكر الله تعالى.
وذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- لحذف العامل فوائد، منها: أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه غير ذكر الله. ومنها: أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول وحركة، فكان الحذف أعم. انتهى ملخصا.
وباء "بسم الله" للمصاحبة. وقيل: للاستعانة. فيكون التقدير: بسم الله أؤلف حال [1] أبو داود: الأدب (4840) , وابن ماجه: النكاح (1894) . [2] ضعيف جدا: الحديث بهذا اللفظ ليس عند ابن حبان، وإنما الذي عنده بلفظ: "بحمد الله" رقم [ (1) , (2) - الإحسان] وسيأتي تخريجه عند أبي داود وابن ماجة. وإنما أخرجه بهذا اللفظ: الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1210) ومن طريقه السمعاني في أدب الإملاء ص (51) , ورواه السبكي في طبقات الشافعية (1/6) من طريق الرهاوي الذي أخرجه هو أيضا في الأربعين له كما أشار إلى ذلك غير واحد من أهل العلم. وهو حديث ضعيف جدا ضعفه الحافظ كما نقله عنه صاحب الفتوحات الربانية (3/290) . وضعفه السيوطي في الجامع بهذا اللفظ وحسنه بلفظ: "بحمد الله". وقال الألباني في الإرواء رقم (1) "ضعيف جدا ولا تغتر بمن حسنه". اهـ. [3] ضعيف: أبو داود: كتاب الأدب (4840) : باب الهدى في الكلام. وابن ماجة: كتاب النكاح (1894) : باب خطبة النكاح وفي رواية أبي داود: "بالحمد فهو أجذم" وأشار إلى أنه مرسل, ومع ذلك فقد حسنه ابن الصلاح والنووي والعراقي، وأما الحافظ في الفتح (1/8) فأشار إلى أن في إسناده مقالا. وضعفه الألباني في الإرواء برقم (2) . [4] ابن ماجه: النكاح (1894) , وأحمد (2/359) . [5] ضعيف: أحمد (2/359) . والدارقطني (1/229) وأشار إلى أنه مرسل والحديث هو نفسه الرواية التي مرت بتخريج رقم [2] . [6] رواه البخاري في حديث أبي سفيان الطويل الذي رواه عن ابن عباس في كتاب بدء الوحي.