باب: " ما جاء في كثرة الحلف"
وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [1].
عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب "[2]. أخرجاه.
قوله: "باب ما جاء في كثرة الحلف" أي من النهي عنه والوعيد. "وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ".
قال ابن جرير: لا تتركوها بغير تكفير. وذكر غيره من المفسرين عن ابن عباس يريد لا تحلفوا. وقال آخرون: احفظوا أيمانكم عن الحنث فلا تحنثوا. والمصنف أراد من الآية المعنى الذي ذكره ابن عباس، فإن القولين متلازمان، فيلزم من كثرة الحلف كثرة الحنث مع ما يدل عليه من الاستخفاف، وعدم التعظيم لله، وغير ذلك مما ينافي كمال التوحيد الواجب أو عدمه.
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب ". أخرجاه". أي البخاري ومسلم. وأخرجه أبو داود والنسائي. والمعنى: أنه إذا حلف على سلعته أنه أعطي فيها كذا وكذا، أو أنه اشتراها بكذا وكذا، وقد يظنه المشتري صادقا فيما حلف عليه فيأخذها بزيادة على قيمتها، والبائع كذاب وحلف طمعا في الزيادة، فيكون قد عصى الله تعالى، فيعاقب بمحق البركة، فإذا ذهبت بركة كسبه دخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة التي دخلت عليه بسبب حلفه، وربما ذهب ثمن تلك السلعة رأسا. وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وإن تزخرفت الدنيا للعاصي فعاقبتها اضمحلال وذهاب وعقاب. [1] سورة المائدة آية: 89. [2] البخاري: البيوع (2087) , ومسلم: المساقاة (1606) , والنسائي: البيوع (4461) , وأبو داود: البيوع (3335) , وأحمد (2/242 ,2/413) .