قوله: "وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشَيْمِط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه " [1]. رواه الطبراني بسند صحيح".
وسلمان: لعله سلمان الفارسي أبو عبد الله، أسلم مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وشهد الخندق، روى عنه أبو عثمان النهدي وشرحبيل بن السمط وغيرهما. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " سلمان منا أهل البيت[2]، إن الله يحب من أصحابي أربعة: عليا، وأبا ذر، وسلمان، والمقداد"?. أخرجه الترمذي وابن ماجه. قال الحسن: كان سلمان أميرا على ثلاثين ألفا يخطب بهم في عباءة يفترش نصفها ويلبس نصفها. وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه قال أبو عبيدة: سنة ست وثلاثين عن ثلاثمائة وخمسين سنة. ويحتمل أنه سلمان بن عامر بن أوس الضبي.
قوله: "ثلاثة لا يكلمهم الله" [3] نفي كلام الرب -تعالى وتقدس- عن هؤلاء
ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشَيْمِط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل " الله" بضاعته لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه ". رواه الطبراني بسند صحيح.
العصاة دليل على أنه يكلم من أطاعه. وأن الكلام صفة من صفات كماله. والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أظهر شيء وأبينه. وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة من المحققين قيام الأفعال بالله سبحانه، وأن الفعل يقع بمشيئته تعالى وقدرته شيئا فشيئا، ولم يزل متصفا به. فهو حادث الآحاد قديم النوع، كما يقول ذلك أئمة أصحاب الحديث وغيرهم من أصحاب الشافعي وأحمد وسائر الطوائف، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [4]. فأتى بالحروف الدالة على الاستقبال والأفعال الدالة على الحال والاستقبال أيضا. وذلك في القرآن كثير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " فإذا قالوا لنا يعني النفاة: فهذا يلزمه أن تكون الحوادث قائمة به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل. ولفظ الحوادث مجمل، فقد يراد به الأعراض والنقائص، والله [1] صحيح: الطبراني في الكبير (6111) وفي الصغير (2/ 21) . وقال الهيثمي في المجمع (4/ 78) : "ورواته محتج بهم في الصحيح" اهـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3067) . [2] ضعيف: هذا الحديث هو في الأصل حديثان إلا أن المصنف جعلهما حديثا واحدا. أما الأول: منهما بلفظ: "سلمان منا أهل البيت". أخرجه الطبراني في الكبير (6040) . والحاكم (3/ 598) وإسناده ضعيف جدا، وضعفه العجلوني في كشف الخفا، وضعفه جدا الألباني في ضعيف الجامع (3272) . أما الثاني: بلفظ: "إن الله أمرني بحب أربعة ... الحديث". أخرجه الترمذي: كتاب المناقب (3718) باب (21) ، وابن ماجة في المقدمة (149) وغيرهما، وإسناده ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1566) . [3] في قرة العيون: هذا وعيد شديد في حقهم؛ لأنه قد تواتر أنه –تعالى- يكلم أهل الإيمان ويكلمونه في عرصات القيامة. والأدلة على ذلك في الكتاب والسنة أظهر شيء وأبينه. وفيه الرد على الجهمية والأشاعرة نفاة صفة الكلام. [4] سورة يس آية: 82.