قوله: "أحدا" نكرة في سياق النهي تعم، وهذا العموم يتناول الأنبياء والملائكة والصالحين والأولياء وغيرهم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: أما اللقاء فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن المعاينة، وقالوا: لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى يوم القيامة، وذكر الأدلة على ذلك.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الآية: أي كما أن الله واحد لا إله سواه، فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له، فكما تفرد بالإلهية يجب أن يفرد بالعبودية، فالعمل الصالح: هو الخالص من الرياء المقيد بالسنة.
وفي الآية دليل على أن أصل الدين الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم والمرسلين
وعن أبي هريرة مرفوعا: " قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه " [1]. رواه مسلم.
قبله، هو إفراده تعالى بأنواع العبادة، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [2]. والمخالف لهذا الأصل من هذه الأمة أقسام: إما طاغوت ينازع الله في ربوبيته وإلهيته; ويدعو الناس إلى عبادته، أو طاغوت يدعو الناس إلى عبارة الأوثان، أو مشرك يدعو غير الله ويتقرب إليه بأنواع العبادة أو بعضها، أو شاك في التوحيد: أهو حق أم يجوز أن يجعل لله شريك في عبادته؟ أو جاهل يعتقد أن الشرك دين يقرب إلى الله، وهذا هو الغالب على أكثر العوام لجهلهم وتقليدهم من قبلهم، لما اشتدت غربة الدين ونسي العلم بدين المرسلين.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ". رواه مسلم.
قوله: "من عمل عملا أشرك معي فيه غيري". أي من قصد بعمله غيري من المخلوقين تركته وشركه. ولابن ماجه: " فأنا بريء وهو الذي أشرك "[3]. قال الطيبي: " الضمير المنصوب في قوله: "تركته" يجوز أن يرجع إلى العمل".
قال ابن رجب -رحمه الله-: [4] واعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضا [1] مسلم: الزهد والرقائق (2985) , وابن ماجه: الزهد (4202) , وأحمد (2/301 ,2/435) . [2] سورة الأنبياء آية: 25. [3] ابن ماجه: الزهد (4202) , وأحمد (2/301 ,2/435) . [4] في شرح حديث إنما الأعمال بالنيات من جامع العلوم والحكم.