أنواط. فقال رسول الله:صلي الله عليه وسلم الله أكبر، إنها السنن قلتم، والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}
قلت: ففي هذا بيان أن عبادتهم لها بالتعظيم والعكوف والتبرك، وبهذه الأمور الثلاثة عبدت الأشجار ونحوها.
قوله: " فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط " قال أبو السعادات: سألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك. وأنواط: جمع نوط، وهو مصدر سمي بها المنوط. ظنوا أن هذا أمر محبوب عند الله وقصدوا التقرب به، وإلا فهم أجل قدرا من أن يقصدوا مخالفة النبي صلي الله عليه وسلم.
قوله: "فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الله أكبر" وفي رواية: "سبحان الله". والمراد تعظيم الله تعالى وتنزيهه عن هذا الشرك بأي نوع كان، مما لا يجوز أن يطلب أو يقصد به غير الله، وكان النبي صلي الله عليه وسلم يستعمل التكبير والتسبيح في حال التعجب تعظيما لله وتنزيها له إذا سمع من أحد ما لا يليق بالله مما فيه هضم للربوبية أو الإلهية.
قوله: "إنها السنن" بضم السين أي الطرق.
قوله: " قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل، بجامع أن كلا طلب أن يجعل له ما يألهه ويعبده من دون الله، وإن اختلف اللفظان فالمعنى واحد، فتغيير الاسم لا يغير الحقيقة.
ففيه الخوف من الشرك، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إلى الله، وهو أبعد ما يبعده من رحمته ويقربه من سخطه، ولا يعرف هذا على الحقيقة إلا من عرف ما وقع في هذه الأزمان من كثير من العلماء والعباد مع أرباب القبور، من الغلو فيها وصرف جل العبادة لها، ويحسبون أنهم على شيء وهو الذنب الذي لا يغفره الله.
قال الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل الشافعي المعروف بابن أبي شامة في كتاب البدع والحوادث: " ومن هذا القسم أيضا ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد وإسراج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في