لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن قلتم، والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} لتركبن سنن من كان قبلكم " رواه الترمذي وصححه[1].
أبو واقد: اسمه الحارث بن عوف، وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة قاله الترمذي، وقد رواه أحمد وأبو يعلى وابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بنحوه.
قوله: "عن أبي واقد" قد تقدم ذكر اسمه في قول الترمذي، وهو صحابي مشهور مات سنة ثمان وستين وله خمس وثمانون سنة.
قوله: "خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى حنين" وفي حديث عمرو بن عوف وهو عند ابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني قال: " غزونا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الفتح، ونحن ألف ونيف حتى إذا كنا بين حنين والطائف " الحديث.
قوله: "ونحن حدثاء عهد بكفر" أي قريب عهدنا بالكفر، ففيه دليل على أن غيرهم ممن تقدم إسلامه من الصحابة لا يجهل هذا، وأن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يأمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادة. ذكره المصنف رحمه الله.
قوله: "وللمشركين سدرة يعكفون عندها". العكوف هو الإقامة على الشيء في المكان، ومنه قول الخليل -عليه السلام-: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [2]، وكان عكوف المشركين عند تلك السدرة تبركا بها وتعظيما لها[3]. وفي حديث عمرو: "كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من دون الله".
قوله: "وينوطون بها أسلحتهم" أي يعلقونها عليها للبركة. [1] صحيح: الترمذي: كتاب الفتن (2180) : باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأحمد (5/218) ، وابن جرير (9/31 , 32) ، والطبراني في الكبير (3290) , (3294) . وصححه الأرناؤوط في تخريج جامع الأصول (10/34) . [2] سورة الأنبياء آية: 52. [3] كما يعكف اليوم عباد القبور عندها ويجاورون, معتقدين أن لهم بذلك الزلفى والقربى، ويعتقد الجاهلون لهم ذلك فيعاونونهم بالنذور لتلك القبور والصدقات قربة لأولئك الموتى. وكل ذلك من الشرك الأكبر.