لكن ينبغي أن نستدرك على الحافظ رحمه الله: "فمعنى الذي تكلم فيه الحسن.. إلى قوله " فلا يلحقه بذلك عاب!! ". فالحق أن العاب يلحق الحسن، من جهة أن كلامه أعم مما خصصه به الحافظ، بل الروايات غير رواية العدني مصرحة بقوله في عثمان وعلي "فلا يتولوا ولا نتبرأ منهم".
ونفي الولاية عن الخليفتين مما يعاب ويبدع به صاحبه بلا ريب، كيف وقد ضربه أبوه وقال: لا تتولى أباك علياً؟ وندم هو على ذلك، ولا يكون الندم إلى على خطأ أو خطيئة.
وقد نص الحافظ ابن كثير على ما يغاير مفهوم الحافظ ابن حجر فقال عن الحسن: "كان يتوقف في عثمان وعلي وطلحة والزبير، فلا يتولاهم ولا يذمهم" [1] .
نعم لا يلحقه عاب بعد أن ندم وتاب.
أما الذي يلحقه العاب فعلاً فهم بعض المحدثين أو المعاصرين، الذين ضربوا بهذه النصوص العلمية عرض الحائط، واختلقوا أن الحسن - بل أباه محمداً من قبل - كان فيلسوفاً أو متكلماً، تعمد أن يؤسس مذهباً كلامياً يقاوم به الخوارج.. الخ، وعلى رأسهم الدكتور علي سامي النشار.
فقد عرض النشار تاريخ الفتنة ونشوء الفرق عرضاً لا يختلف عن عرض أي مؤلف رافضي أو معتزلي، وقد كانت مصادره فعلاً كذلك.
ويا ليته اقتصر على هذه المصادر، إذن لكانت كتابته شيعية واضحة، وسلم من التناقض العجيب الذي وقع فيه، حين يخلط كلام هؤلاء بكلام أهل السنة "بالمعنى العام للكلمة"، فيقرر في صفحة أو مبحث ما ينقضه فيما بعده، بل ربما تناقض في الصفحة الواحدة.
لقد أساء الدكتور النشار إلى التابعي الجليل محمد بن علي بن أبي طالب (محمد ابن الحنفية) ، حين نسب إليه تأسيس مدرسة أو مذهب انبثق منه الاعتزال والإرجاء، وأنا أعجب من إساءة الدكتور إلى آل البيت رغم ما يظهره من تشيع [1] البداية والنهاية (9/140) .