على أن الحافظ ابن عساكر ينقل عن الدارقطني ما يؤيد ما ذكرناه عن الحسن، وهو أنه قال: "يا أهل الكوفة، اتقوا الله ولا تقولوا في أبي بكر وعمر ما ليسا له بأهل، إن أبا بكر كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثاني اثنين، وإن عمر أعز الله به الدين" [1] .
والكوفة هي موطن التشيع، لا سيما في ذلك الوقت كما هو مشهور!
ويعقب الإمام الحافظ ابن حجر على كلام المزي بعد تهذيبه قائلاً: "قلت: المراد بالإرجاء الذي تكلم به الحسن بن محمد فيه، غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلق بالإيمان، وذلك أنه وقفت على كتاب الحسن بن محمد المذكور، أخرجه ابن أبي عمر العدني في كتاب له في آخره قال:
حدثنا إبراهيم بن عيينة عن عبد الواحد بن أيمن قال: كان الحسن بن محمد يأمرني أن أقرأ هذا الكتاب على الناس: أما بعد: فإنا نوصيكم بتقوى الله - فذكر كلاماً كثيراً في الموعظة والوصية لكتاب الله واتباع ما فيه وذكر اعتقاده ثم قال في آخره -: ونوالي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ونجاهد فيهما، لأنهما لم تقتتل عليهما الأمة، ولم نشك في أمرهما، ونرجئ من بعدهما ممن دخل في الفتنة، فنكل أمرهم إلى الله.. إلى آخر الكلام.
فمعنى الذي تكلم فيه الحسن، أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئاً أو مصيباً، وكان يرى أن يرجئ الأمر فيهما.
وأما الإرجاء الذي يتعلق بالإيمان فلم يعرج عليه أحد، فلا يلحقه بذلك عاب والله أعلم" (2)
وكلام الحافظ في معنى الإرجاء الذي كتبه الحسن صحيح، وتدل عليه عبارة المزي "أول من تكلم في الإرجاء الأول"، وعلى هذا القيد يحمل ما نقله ابن عساكر عن الإمام أحمد، وما نقله هو عن ابن سعد وعن أيوب، من أنه أول من وضع الإرجاء أو تكلم فيه عدا من نقل عنهم المزي ذلك. [1] تهذيب التهذيب (4/249)
(2) تهذيب التهذيب (2/321)