وكالعادة تفجر الخلاف داخل أصحاب نجدة، فانقسموا ثلاث فرق: "النجدية، والعطوية، والفديكية".
* والعطوية: منسوبة إلى "عطية بن الأسود الحنفي"، الذي فارق نافعاً ونجدة، منتقلاً إلى سجستان بأرض فارس، وهناك انتشر الخوارج وحكموا فترات متقطعة، وتفرقوا أيضاً فرقاً شتى، حيث خرج من العطوية رجل يدعى "عبد الكريم بن عجرد"، فانبثقت من آرائه خمس عشرة فرقة، يطلق عليها جميعاً اسم "العجاردة".
- فمنهم فرقة قالوا: "إنه يجب أن يدعى الطفل إذا بلغ، وتجب البراءة منه قبل ذلك حتى يدعى إلى الإسلام ويصفه هو" وتميزت بذلك.
- وفرقة أخرى أعادت النظر في مسألة الدار وأهلها، فقالوا: إن الواجب هو "قتال السلطان خاصة، ومن رضي بحكمه، فأما من أنكره فلا يرون قتله إلا إذا أعان عليهم، أو طعن في دينهم أو صار عوناً للسلطان أو دليلاً له"!
- وفرقة ثالثة تفردت بالقول بالتوقف في الأطفال عامة فقالوا: "ليس لأطفال الكافرين ولا لأطفال المؤمنين ولاية ولا عدواة ولا براءة، حتى يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام، فيقروا به أو ينكروه".
- وفرقة أخرى عممت التوقف فهم "يتوقفون عن جميع من في دار التقية، من منتحلي الإسلام وأهل القبلة، إلا من قد عرفوا منه إيماناً فيتولونه عليه، أو كفراً فيتبرأون منه" [1] .
وإذا تركنا سجستان وخوارجها، وعدنا إلى اليمامة والعراق، فسنجد أن رجلين من مخالفي نجدة ونافع أسسا فرقتين كبيرتين من الخوارج، وكل فرقة منهما تشعبت كالعادة إلى فرق أخرى.
- هاتان الفرقتان هما: "الصفرية" أتباع زياد بن الأصفر، و "الإباضية" أتباع عبد الله بن إباض.
- وفي الوقت نفسه - على ما يبدو - خرجت طائفة لم يسمها الأشعري، لكن قولها مهم وهو أن "ما كان من الأعمال عليه حد واقع، فلا يتعدى بأهله [1] انظر المصدر السابق، ص92- 98