والعامِّي من الموحِّدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} فجندُ الله هم الغالبون بالحجة واللسان كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح وقد مَنَّ الله علينا بكتابه الذي جعله تبياناً لكل شيء وهدى وبشرى للمسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [1]. فمن استولى عليه الشيطان في شيء فهو الذي ولاه على نفسه، وإذا أطاعه في شيء انتظر منه شيئاً آخر، وهكذا حتى يوصله إلى الهلاك والعياذ بالله.
(والعامي من الموحدين) الذي عرف أدلة دينه وإن كان ليس بفقيه ولا عالم، ليس المراد العامي الجاهل اللهم إلا أن يوفق العامي الذي لا يعرف –لحجةٍ عقلية وهو نادر (يغلب الألف) بل الألوف (من علماء هؤلاء المشركين) ، لأن حجج المشركين ترهات وأباطيل ومنامات كاذبة وما كان معهم من الحق فهو رد في الحقيقة عليهم (كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ) [2] فهذه الآيات أفادت حصر الغلبة في جند الله وهو يقتضي بعمومه الغلب في جميع النواحي: الحجة واللسان والسيف والسنان ويغلبون قبيلهم[3] ولا تظن أنه [1] سورة النحل، الآيتان: 99، 100. [2] سورة الصافات، الآية: 173. [3] لأنه لا حجة لهم على باطلهم فلا شيء من الحق يدل على باطلهم فلو قُدِّر أنهم أستدلوا بآية فليس لهم في الحقيقة دليل فيها والأدلة على توحيد رب العالمين أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر. وما يتشبثون به ويزعمون أنه دليل ليس بدليل، ويأتيك بعض ذلك والجواب عنه (عبارة أخرى) .