ولكن إذا أقبلتَ على الله وأصغيت إلى حجج الله وبيناته فلا تخف ولا تحزن {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لهم من السلطة على القلب ونحو ذلك يحسبون أنه آمن ولا خافوا من مخاوفه ولا علموا من الشرع طرقه ومخاوفه.
بعد ذكر المصنف ما ذكر من عداوة الشيطان ونوابه وحرصهم على اهلاك هذا الجنس الإنساني قال:
(ولكن إذا أقبلت على الله) بقلبك وقالبك، وعلم منك اللجأ إليه والتبرِّي والتخلّي من الحول والقوة إلا به (وأصغيتَ) كل الإصغاء (إلى حجج الله وبيناته) من الكتاب والسنة (فلا تخف ولا تحزن) من الأعداء القاعدين لك على الصراط المستقيم؛ فعندك ما يحصنك من هذا؛ فالخوف عليك عندما تُعرِض عن حجج الله وبيناته، الخوف والحزن عليك من جهة نفسك أن لا تُقبِل ولا تصغي؛ وأما إن لجأت إليه فَلاَ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [1]. وإن كان قسمُه وحظه من الألف تسعمائة وتسعة وتسعين فليس كثرةُ حزبِه من قوة كيده، بل كيدُه ضعيف، ولكن أكثر الخلق أطاعوه وتولَّوه ومكَّنوه من أنفسهم، فلما جعلوا له سلطاناً كان له عليهم سلطان، وإلا كل عباد الله ليس له عليهم سلطان، ولو أنهم لم يجعلوا له عليهم سلطانا لما كان له عليهم سلطان، فهم الذين أعطوه القياد لأجل الشهوات وإيثار العاجل على الآجل؛ أعطوه ذلك فصاروا إلى حيِّزه من جانب فصارت قوته نسبية، كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ [1] سورة النساء، الآية: 76.