يرحمك الله فدلَّت هذه الآية على أنه -تعالى- يحبُّ، فالمحبة صفة من صفاته كما قلنا في القوة والسمع والبصر والإرادة كلها صفات أخبر الله بها عن نفسه، كذلك أخبر أنه يحب بعض عباده، يحب المحسنين لأعمال المحسنين إلى عباد الله، يحب المقسطين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وحاولوا ويحب التوابين الرجَّاعين إليه عن الذنوب، وعن التقصير، يحب المتطهرين كما أمروا يحب المتقين -سبحانه وتعالى-، يحب المجاهدين في سبيله كله إخبار عن الله -سبحانه وتعالى-، فوجد أن الإيمان من صفات المحبة، وفي هذا غاية الترغيب في هذه الأعمال.
إن محبة الله للعبد هي فوق ما ينال من الثواب، فالمؤمنون المخلصون أولياء الله يتطلعون للفوز بهذه المحبة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [1] والمخلوق يوصف بالمحبة ولكن مع الفرق فللمخلوق محبة تليق به وتناسبه يمكن أن يُعَبَّر عنها بشيء، ميل الشيء أو ميل الإنسان إلى ما يناسب، الله يوصف بالمحبة وليست المحبة كالمحبة محبة الخالق ليست كمحبة المخلوق كذلك العبد {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) } [2] لكن محبة الخالق محبة حقيقية لا كما يقول المعطِّلة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين ينفون حقيقة المحبة الذين ينكرون حقيقة المحبة يقولون: الله لا يحب ولا تليق به صفة المحبة ويفسرون ما جاء في النصوص يحرفون النصوص، يفسرون بالإرادة يقول: يحب المقسطين يعني يريد الإنعام عليهم، يحب المتقين يعني يريد أن ينعم عليهم أو يقول: يحب المقسطين يعني يشيد بهم. [1] - سورة آل عمران آية: 31. [2] - سورة الشورى آية: 11.