والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين وهم يَزِنُونَ بهذا الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة، أو ظاهرة مما له تعلق بالدين، والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشر في الأمة.
كذلك من طريقة أهل السنة. ومن أصول أهل السنة اتباع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به ظاهرًا أو باطنًا واتباع آثار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وهذا ما أمر الله به عباده، أمرهم باتباع الرسول {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) } [1] ، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [2] وقال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [3] .
فهذه طريقتهم: اتباع آثار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار واتباع وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- في قوله: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " فهم متبِعُون لسنة الرسول معظِّمُون لها مستمسِكُون بها، وكذلك سنة الخلفاء الراشدين، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
فما سَنَّهُ هؤلاء مما لم يخالفوا فيه لم يختلفوا ولم يُعَارَضُوا فيه، ولم يخالف دليلاً من الكتاب والسنة، فإنه كذلك مأمورون نحن باتباع هذه السنة، سنة الخلفاء الراشدين بوصيته -عليه الصلاة والسلام- " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ". فما سَنَّهُ أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي - رضي الله عنه - فهو سنة ماضية نحن مأمورون باتباعهم فيها، واتباعنا لهم بهذا هو من تحقيق اتباعنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأننا بذلك نعمل بوصيته. [1] - سورة الأعراف آية: 158. [2] - سورة آل عمران آية: 31. [3] - سورة التوبة آية: 100.