وإن القرآن كلام الله
"وإن القرآن كلام الله" بالكسر معطوف على قوله: "نقول في توحيد الله بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، وإن محمد عبده المصطفى، وإن القرآن كلام الله" الكل معمول قول: نقول: إن الله واحد لا شريك له نقول في توحيد الله: "إن الله واحد لا شريك له، ونقول: إن محمدًا عبده المصطفى ورسوله" ونقول: "إن القرآن كلام الله".
القرآن كلام الله، صفة من صفاته، فالقرآن كلام الله عز وجل تكلم به وأنزله على نبيه وحيا، وليس بمخلوق كما يقول أهل البدع، وليس معنى قائم بالنفس بل هو كلام الله تكلم به بحرف وصوت يسمع سمعه جبرائيل، وكلم الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، وسمع موسى كلام الله.
هذا هو الحق الذي عليه أتباع الرسل من أهل السنة والجماعة والصحابة والتابعين وأتباعهم: أن القرآن كلام الله، وأنه صفة من صفاته عز وجل وأن الله تكلم بحرف وصوت يسمع، وأنه ليس بمخلوق ككلام البشر؛ خلافا لأهل البدع، ومسألة الكلام مسألة عظيمة، وهي من المسائل الكبار المشهورة التي تنازع الناس فيها، وهي من الصفات العظيمة التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وأهل الحق وبين المخالفين لهم، ففي معنى كلام الله وحقيقة كلام الله مذاهب للناس، وهذه المسألة من المسائل العظام.
ولما كان النزاع فيها شديدا بين أهل السنة وأهل البدع؛ ولما كان الحق قد يلتبس بالباطل لكثرة من خاض في هذه المسألة؛ فلا بد من استعراض المذاهب في هذه المسألة وبيان القول الحق الذي تشهد له الأدلة والنصوص، وتشهد له العقول والفطر لا بد من بيان القول الحق الذي تقتضيه النصوص، وتشهد به العقول السليمة والفطر المستقيمة، والناس تنازعوا في كلام الله على مذاهب، لكن أبرز المذاهب في هذه المسألة ثمانية مذاهب هذه لأهل الأرض جميعا سبعة مذاهب باطلة، والمذهب الثامن هو قول الحق.
ومع كون هذه المذاهب الباطلة سبعا يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: هذه المذاهب السبعة هي الذائعة بين الناس وبين فضلاء العالم لا يعرفون غيرها مع بطلانها، وهذه المذاهب بعضها فكرية وبعضها مبتدعة.
المذهب الأول مذهب الاتحادية، المذهب الثاني مذهب الفلاسفة، المذهب الثالث مذهب السالمية، المذهب الرابع الكرامية، المذهب الخامس مذهب الكلابية، المذهب السادس مذهب الأشعرية، المذهب السابع مذهب الجهمية والمعتزلة، المذهب الثامن مذهب أهل السنة والجماعة، هذه أبرز المذاهب وهناك مذاهب أخرى لكن ليست مشهورة، لكن هذه أبرز المذاهب، مذاهب أهل الأرض جميعا في مسمى كلام الله ما هو؟
المذهب الأول مذهب الاتحادية: والاتحادية هم الذين يقولون بوحدة الوجود وأن الوجود واحد يقولون: إن كلام الله كل كلام يسمع في الوجود فهو كلام الله، سواء كان حقا وصدقا أو كذبا وسواء، كان نظما أو نثرا سواء، كان حقا أو باطلا وزورا وبهتانا وسواء كان كلام الأعجميين، أو كأصوات الطيور، أو الحيوانات كله كلام الله، نعوذ بالله من ذلك.
كما قال زعيمهم ابن عربي الطائي رئيس وحدة الوجود:
ألا كل قول في الوجود كلامه *** سواء علينا نثره ونظمه
لكن موجود في كتابه "الفتوحات المكية"
ألا كل قول في الوجود كلامه *** سواء علينا نثره ونظمه
فإذا مذهب الاتحادية كل كلام يسمع في الوجود فهو كلامه سواء كان نظما أو نثرا، سواء كان حقا أو باطلا، وسواء كان كلام آدميين أو غيره.
وهذا المذهب مبني على مذهبهم في القول بوحدة الوجود؛ فإن مذهبهم أن الوجود واحد ليس هناك موجودات، ليس هناك رب وعبد ولا خالق ولا مخلوق، بل الوجود واحد الرب هو العبد والعبد هو الرب، والخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق لا فرق بينهم؛ ولهذا يقول ابن عربي الطائي:
الرب عبد والعبد رب *** إن قلت عبد فذاك ميت
يا ليت شعري مَن المكلف *** أو قلت رب أنَّى يُكَلَّف
إن ثبت عليه الأمر إذن العبد هو الرب، والرب هو العبد أيهما المكلف، إن قلت: عبد فذاك ميت وذاك نفي وإن قلت رب أنَّى يُكَلَّف وقال أيضا رب مالكٌ وعبد هالكٌ، وأنتم ذلك والعبد فقط والكثرة، وهم هؤلاء الاتحادية من أكثر خلق الله أكثر خلق الله هم الاتحادية وهم منافقون زنادقة يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فهم في الدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله من المنافق والمنافقون.