وهذه كلها أقوال باطلة، والصواب القول الأول، وهو أن النار مؤبدة باقية لا تفنى أبد الآباد؛ لأن الله أخبر بذلك قال سبحانه وتعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) } وقال سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) } وقال سبحانه: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) } وقال سبحانه: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) } والأحقاب المدد الطويلة، التي لا تنتهي، كلما انتهى حقب، يعقبها حقب، وهكذا إلى ما لا نهاية، وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون من السلف من أهل السنة، وهو الذي عليه الصحابة والتابعون. نعم.
معتقد أهل السنة والجماعة في خلق الجنة والنار
والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا، ولا تبيدان، وإن الله - تعالى- خلق الجنة والنار قبل الخلق وخلق لهما أهلا.
نعم هذا معتقد أهل السنة والجماعة أن الله خلق الجنة والنار وأبقاهما، وخلق لهما أهلا، وهذا القدر السابق، الله تعالى، قدر أهل السعادة وأهل الشقاوة، كتب الله في اللوح المحفوظ، أهل السعادة وأهل الشقاوة قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) .
أهل السعادة مقدر سعادتهم، وأهل الشقاوة مقدر.. ولكن الله يسر كلا لما خلق له، فأهل السعادة يسر الله لهم عمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة يسر لهم عمل أهل الشقاوة، كما قال سبحانه:: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) } . نعم.