والراجح والصواب في هذه المسألة أن مسمى الإسلام ومسمى الإيمان يختلف مسماهما عند الأفراد وعند الاقتران، فإذا قرن أحدهما بالآخر، فإنه فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبريل، وإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر كما في حديث وفد عبد القيس إذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا أطلق الإسلام وحده شمل الأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالأعمال الباطنة، كما حديث جبريل.
هذا هو الصواب وهو الراجح، وهذا هو التحقيق في هذه المسألة أن الدلالة تختلف بالتجريد والاقتران، ومن فهم هذا انجلت عنه إشكالات كثيرة في كثير من المواضع التي حاد عنها كثير من الطوائف، فإن الإسلام أصله هو الانقياد والطاعة والإيمان، أصله هو ما في القلب من الاعتقاد وحقيقة الفرق أن الإسلام دين، والدين مصدر دان يدين دينا، إذا خضع وذل.
ودين الإسلام الذي ارتضاه الله وبعث به رسله هو الاستسلام لله وحده، فأصله في القلب هو الخضوع لله وحده بعبادته وحده دون ما سواه، والإسلام هو الاستسلام لله وهو الخضوع له والعبودية له، هكذا قال أهل اللغة: أسلم الرجل إذا استسلم فالإسلام في الأصل من باب العمل عمل القلب وعمل الجوارح، وأما الإيمان فأصله التصديق والإقرار، أصله تصديق وإقرار ومعرفة، فهو من باب قول القلب المتضمن عمل القلب.
والأصل فيه التصديق والعمل تابع له، فلهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بإيمان القلب وخضوعه وفسر الإسلام بالأعمال. نعم.