والأمن والإياس ينقلان عن الملة وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- "والأمن والإياس ينقلان من الملة وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة" المراد بالأمن الأمن من مكر الله، والمراد بالإياس اليأس من روح الله، ومن رحمة الله ينقلان عن الملة، يعني عن ملة الإسلام، يعني إن الأمن من مكر الله واليأس الأمن من مكر الله واليأس من روح الله كل منهما كفر ينقل عن الملة، وأما سبيل الحق وهو دين الإسلام بينهما بين الأمن والإياس وهو الخوف والرجاء الأمن، يعني من مكر الله والإياس يعني من روح الله ينقلان عن الملة، يعني يخرجان من ملة الإسلام، فيكون الآمن من مكر الله واليائس من روح الله خارجان من ملة الإسلام وسبيل الحق وهو دين الإسلام وتوحيد الله عز وجل بينهما بين الأمن من مكر الله وبين اليأس من روح الله لأهل القبلة، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله واليأس من روح الله) وقد قال تعالى في الأمن من مكر الله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نائمون (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) } {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} يعني أهل القرى الكافرة، قال: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) } .
والمراد خسران كفر، لأن هذا في هذه الآيات في بيان القرى الكافرة، أفأمن أهل القرى الكافرة أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) } أي خسران كفر، وقد جاء فيها التعبير بالخاسرون، وأل للاستغراق يعني استغراق أنواع الخسر والخسران هو الكفر، فالآمن من مكر الله هو الذي لا يخاف الله، ليس عنده شيء من الخوف، فيأمن مكر الله، ويسترسل في المعاصي، ولا يبالي وأما اليائس من روح الله، فقد قال الله تعالى إخبارا عن يعقوب أنه قال لبنيه: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) } فبين أن اليائس من رحمة الله كافر، لأنه ليس عنده رجاء ولا عمل لرحمة الله، بل هو متشائم قانط متشائم مسيئ للظن بالله.
إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، والكفر هنا جاء بأل التي تفيد الإستغراق، والمعنى أنه أن اليائس كافر كفر أكبر، فأخبر الله ذلك أخبر الله عن يعقوب عليه الصلاة والسلام، وجاء شرعنا بإقراره، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن اليائس دون ذلك، وفي سورة الحجر قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) } أخبر عن إبراهيم: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) } والقانط هو اليائس، فهو ضال ضلال كفر؛ لأن أل أيضا للاستغراق، وما ذاك إلا لأن اليائس من رحمة الله متشائم قانط، ليس عنده شيء من الرجاء ولا الأمل في رحمة الله وعفوه، فليس عنده شيء من الرجاء والأمن من مكر الله، ليس عنده شيء من الخوف لا يخاف الله، ولا يبالي الذي لا يخاف الله لا يعمل عملا صالحا، لا يكون عنده شيء من الخوف، وكذلك اليائس قانط متشائم يرى أنه هالك مسيء للظن بالله.