النوع الخامس: الشفاعة في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ليدخلوا الجنة ودليلها ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال (السابق يدخل الجنة بغير حساب) والمتصل برحمة الله والظالم نفسه وأصحاب الأعراف يدخلونها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. السادس: الشفاعة في قوم قد أمر بهم إلى النار لا يدخلونها ودليلها حديث حذيفة عند مسلم وفيه: (ونبيكم على الصراط يقول: رب سلم)
السابع: الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه وهي خاصة بأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ودليلها ما ورد في طرق متعددة أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: (إن أبا طالب يحميك ويذود عنك ويؤويك فهل نفعته؟ قال نعم وجدته في غمرات من نار فأخرجته منها إلى ضحضاح من نار يغلي منها دماغه) أسأل الله السلامة والعافية.
الثامنة: الشفاعة في أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن دخلوا النار ليخرجوا منها وهذا أدلته متواترة تواتر بهذا النوع الأحاديث من ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وهذه شفاعة تتكرر من النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات كما ثبت في حديث أنس وأنه في المرة الأولى يقال: (أخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، وفي الثانية يقال له: أخرج من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، وفي الثالثة يقال له: أخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان، وفي الرابعة يقال له: يقول لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله أو أخرج منها من قال: لا إله إلا الله)
فالمتفق عليه من الأمة الأربعة الأولى، وهذه الأربعة الأخيرة مختلف فيها خالف فيها الخوارج والمعتزلة وأنكروها جهلا منهم بصحة الأحاديث وعنادا ممن علم ذلك واستمر على بدعته الوعيدية، يعني: الخوارج والمعتزلة زعموا أن الشفاعة إنما هي للمؤمنين خاصة في رفع بعض الدرجات، والفائدة والحكمة من الشفاعة هي إكرام الشفيع في قبول شفاعته كما في الحديث: (اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء) وحكمة إلهام الناس التردد إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم في موقف القيامة يسألون الأنبياء أن يشفعوا لهم، ولم يلهموا لمجيء النبي صلى الله عليه وسلم من أول وهلة لإظهار فضله وشرفه صلى الله عليه وسلم.
أقسام الناس في الشفاعة ثلاثة:
قسم غلوا في إثباتها فأثبتوها مطلقة وهم المشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وبعض الصوفية فأثبتوا شفاعة الأصنام والأوثان ويجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا.
وقسم غلوا في نفيها فنفوا شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الكبائر، وهم الخوارج والمعتزلة.
وقسم توسطوا وهم أهل السنة والجماعة فيقرون بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر وشفاعة غيره ويشترطون لها شرطين أخذوهما من النصوص:
أحدهما: إذن الله للشافع أن يشفع ودليله قول الله -تعالى -: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}
والثاني: والثاني رضى الله عن المشفوع له، ودليله قول الله -تعالى-: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وينفون الشفاعة التي تكون للمشرك عملا بقول الله -تعالى-: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ويوفون الشفاعة التي تكون للمشرك عملا بقول الله --تعالى-: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) }
مسألة: الأعمال الموعود عليها الشفاعة قال السفاريني -رحمه الله- إن الأعمال الموعود عليها الشفاعة خمسة:
الأول: إخلاص التوحيد من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه ودليله حديث أبي هريرة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله. قال: من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه)
الثاني: الدعاء بما ورد بعد سماع النداء يعني: إجابة المؤذن والدعاء بما ورد ودليله حديث جابر: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة)
الثالث: الصبر على لأواء المدينة وجدبها، ودليله حديث سعد بن أبي وقاص: (لا يصبر أحد على لأواء المدينة وجدبها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة)
الرابع: الموت في أحد الحرمين، ودليله حديث سلمان (من مات في أحد الحرمين استوجب شفاعتي وكان يوم القيامة من الآمنين)
الخامس: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم عشرا في الصباح وعشرا في المساء، ودليله حديث أبي الدرداء: (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة) هذا الذي ذكره السفاريني -رحمه الله- لكن هذه الأنواع فيها نظر.