المعتزلة عندهم قاعدة خبيثة وهي: (أنه يجب عَلَى الله أن يفعل الأصلح وأن يختار لعبده الأصلح) هكذا قرر إبراهيم النظام وأصحابه من البراهمية الذين هم في الأصل براهمية مجوس ثُمَّ أرادوا أن يخدموا دين الإسلام، فجاءوا بهذه المعاذير التي ينفر منها المؤمن، فمن الذي فرض عَلَى الله فعل الأصلح؟! وتجدهم يأتون بهذه القاعدة عندما ترد النصوص والأحاديث الدالة عَلَى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشفع في أناس من أهل الجنة لينالوا درجة أعلى! فيقولوا: هذا من باب وجوب فعل الأصلح
وأعظم شيء خالف فيه المعتزلة ومن تبعهم هي الشَّفَاعَة التي تقتضي الإخراج من النار، وذلك بناءً عَلَى أن مرتكب الكبيرة خالد مخلد في النَّار. وَقَالُوا: لا يليق أن يفعل عبد الكبيرةَ ثُمَّ يدخل الجنة بشفاعة الشافعين فيصير مثل التقي الزاهد الورع، فهذا ليس من باب العدل! وأخذوا يحاكمون أفعال الله -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى عقولهم الكليلة القاصرة، ويخصون المغفرة بالتوبة، فلا يغفر الله لصاحب الكبيرة إلا إذا تاب، فلو مات وهو مرتكبٌ لكبيرة فإنه يكون من أهل النَّار خالداً فيها مخلداً، واختلفوا في اسمه في الدنيا -كما تقدم- فسماه الخوارج كافراً، والمعتزلة جعلوه في منزله بين منزلتين لا كافر ولا مؤمن.
وهذا يرجع إِلَى اعتقادهم الفاسد وهو أنَّ التقي يستحق دخول الجنة عِوَضاً عن عمله الصالح، ويستحق دخول النَّار عوضاً عن عمله الطالح فجعلوا المسألة مسألة أخذ وعطاء وبيع وشراء ولم يجعلوا لرحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا لشفاعته ولا لمغفرته شيئاً من ذلك.