وهذه الصفقة التجارية التي كَانَ يؤمل فيها حصلت فيها الخسارة فانتحر والعياذ بالله، فكل شخص غير مؤمن قابل أن يبيع نفسه بأرخص الأثمان؛ لأنه كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر:19] ، لما نسي الله أنساه نفسه، فيعيش في قلق واضطراب وتخبط، يعمل لكل شيء إلا لنفسه، فلما نسي ربه، أنساه الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- نفسه، فهو يجمع المال للورثة يقول ابن آدم: مالي مالي -هكذا يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هكذا حال النَّاس والحقيقة: ليس لك يا ابن آدم إلا ما قدمت فأبقيت، أو أكلت فأفنيت، والباقي للورثة، لا يهنأ بلذة في ماله وملكه.
كيف كانت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه؟
لم ير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إلا مناماً بفؤاده، والرؤية بالفؤاد: هي التي تفسر لنا أنه رآه مرة في المنام في الدنيا، ومرة عند سدرة المنتهى وإذا قلنا: إن موسى -كليم الله- قد سأل ربه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يراه، ومع ذلك قَالَ: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143] .
ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن أحدكم لن يرى ربه -عَزَّ وَجَلَّ- حتى يموت) فهذا مما يدل عَلَى أنه لا يرى أحد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في الدنيا ولو كانت الرؤيا ممكنة فلماذا نقول: لم يره موسى عَلَيْهِ السَّلام؟ فهو لما منع من الرؤية، قال الله تَعَالَى له: لَنْ تَرَانِي وكان من الممكن أن يعوض عنها في المنام؛ لأن رؤيا الأَنْبِيَاء عليهم السلام حق ووحي.
فإذا جَاءَ في آخر الزمان رجل وقَالَ: أنا أرى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وصدقناه فقد قلنا: إنه يحصل له مالم يحصل للأنبياء، وكذلك نفهم من إطلاق حديث: (إن أحدكم لن يرى ربه عزوجل حتى يموت) أنه لن يراه في الدنيا أحد، ويدل عَلَى هذا أيضاً اختصاص المؤمنين برؤية الله في الجنة.