وإخلاص الدين له والإقرار برسله واليوم الآخر على وجه الإجمال. فمن المعلوم أن بعض الناس إذا أتى ببعض ما
يجب عليه دون بعض كان قد تبعض ما أتى فيه من الإيمان، كتبعض سائر الواجبات.
لكن بقي أن يقال: إن هذا البعض الآخر الزائل إما أن يكون شرطاً في ذلك البعض وقد لا يكون شرطاً فيه، فالشرط كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه، أو ببعض الرسل وكفر ببعضهم كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} [1].
وقد يكون البعض المتروك ليس شرطاً في وجود الآخر ولا قبوله كفعل بعض الكبائر وترك بعض الواجبات فيما دون الكفر. وحينئذ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق، وبعض شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر.
السابع: أن كون الإنسان قد يجتمع فيه إيمان ونفاق وإيمان وبعض شعب الكفر دلت عليه نصوص صحيحة صريحة.
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا [1] سورة النساء، الآية: 150.