يأتي الإشارة لبعضها. ثم إنه ناقش باستفاضة وافية وبتحقيق متين قول من ادعى أن الإيمان مرادف للتصديق، وذكر فروقاً بين التصديق والإيمان تمنع دعوى الترادف بينهما، ثم خلص من ذلك إلى أن أولى تفسير لغوي للإيمان هو الإقرار.
ويمكن أن نجمل الأمور التي ذكرها شيخ الإسلام في- دفع دعوى الترادف بين الإيمان والتصديق في النقاط التالية:
ا- أن لفظة آمن تختلف عن لفظة صدق من جهة التعدي، حيث إن آمن لا تتعدى إلا بحرف إما الباء أو اللام كما في قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [1]، وقوله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [2].
فيقال آمن به وآمن له، ولا يقال آمنه، بخلاف لفظة صدق فانه يصح تعديتها بنفسها فيقال صدقه.
2- أنه ليس بينهما ترادف في المعنى، فإن الإيمان لا يستخدم إلا في الأمور التي يؤتمن فيها المخبر مثل الأمور الغيبية، لأنه مشتق من الأمن، أما الأمور المشاهدة المحسوسة فهذه لا يصلح أن يقال فيها آمن وإنما يقال صدق، لأن كل مخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة صدقت كما يقال كذبت، أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن غائب.
3- أن لفظة إيمان في اللغة لا تقابل بالتكذيب، فإذا لم يصدق المخبر في خبره يقال كذبت، وإذا صدق يقال صدقت فيقال: [1] سورة العنكبوت، الآية: 26. [2] سورة البقرة، الآية: 285.