اجتمع عدد منهم وتشاوروا فيما عليه قومهم من الباطل وما الذي يجب عليهم للحفاظ على أنفسهم، فتفرق بعضهم في البلاد التماسا للحق، وهي الحنفية ملة إبراهيم، ولهذا فقد سمي هؤلاء بالحنفاء، والمتحنفين، وكان منهم من تنصر وكان عنده قسط كبير من علم أهل الكتاب، مثل ورقة بن نوفل، ابن عم خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي طمأنها بما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يتمنى أن يبقى ألى مبعثه ليناصره ويؤازره، وكان يستبطئ مبعثه ويقول: حتى متى؟
ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل الذي بقي على ما هو عليه مما بقي من الحنفية ملة إبراهيم، وخرج إلى بلاد الشام والعراق يبحث فيها عن دين إبراهيم ثم عاد إلى مكة وكان يلوم قومه على ما يفعلونه من عبادة الأصنام والأوثان ومما قال في ذلك:
أربا واحدا أم ألف رب ... أدين إذا تقسمت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعا ... كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيها ... ولا صنمي بني عمرو أزور
ولا هبلا أدين وكان ربا ... لنا في الدهر إذا حلمي يسير
عجبت وفي الليالي معجبات ... وفي الأيام يعرفها البصير
بأن الله قد أفنى رجالا ... كثيرا كان شأنهم الفجور
وأبقى آخرين ببر قوم ... فيربل منهم الطفل الصفير