لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي ... إلى قوله: {يَشْكُرُونَ} [1].
وكانت ولاية البيت في بني إسماعيل من بعده حتى انتزعتها قبيلة جرهم، ثم انتزعتها منهم خزاعة، ثم عادت إلى قصي وبنيه حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبقي بنوا إسماعيل من بعده على دين إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام زمنا، ثم بدأ الشرك يدب فيهم حينما خرج بعضهم من مكة وقد ضاقت بهم، فكان من أراد أن يسافر أخذ معه حجرا من الحرم تعظيما له، فأينما نزل وضعه وطاف به ثم خلف من بعدهم خلوف تمادى بهم الغلو فعبدوا هذه الحجارة وغيرها، حتى جاء عمرو الخزاعي[2] فكان أول من جاء بالأصنام إلى مكة سواء منها ما جاء به من البلقاء أو التي كانت من عهد قوم نوح، فكان – أخزاه الله – أول من نصب الأوثان وغير دين إسماعيل وأول من سيب السوائب[3]. كما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض [1] البخاري مع الفتح، 3/396، 398. [2] هو عمر بن لحي بن حارثة بن عمر بن عامر الأزدي من قحطان أول من غير دين إسماعيل ودعا العرب إلى عبادة الأوثان، كنيته أبو ثمامة، وفي نسبه خلاف شديد. [3] السوائب: جمع سائبة، وهي التي كانوا يجعلونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء، ولا تمنع من ماء ولا مرعى ولا تحلب ولا تركب.
والسائبة: هي أم البحيرة.
انظر النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 2/431.