يفهموه، بين لنا الشيخ الأمين -رحمه الله- موقف السلف من صفات الله تعالى بياناً يدل على أن معتقد السلف هو الأسلم والأعلم والأحكم، فقال -رحمه الله-: "إن من كان على معتقد السلف الصالح إذا سمع مثلاً قوله تعالى: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} امتلأ قلبه من الإجلال والتعظيم والإكبار لصفة ربّ العالمين التي مدح بها نفسه، وأثنى عليه بها، فجزم بأن تلك الصفة التي تمدح بها خالق السموات والأرض بالغة من غايات الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة بينها وبين صفات الخلق؛ لأن الصفة لا يمكن أن تشبه صانعها في ذاته، ولا في شيء من صفاته. وبإجلال تلك الصفة وتعظيمها وحملها على أشرف المعاني اللائقة بكمال من وصف بها نفسه وجلاله يسهل على ذلك المؤمن السلفي أن يؤمن بتلك الصفة ويثبتها لله كما أثبتها الله لنفسه على أساس التنزيه؛ فيكون أولاً: منزها سالماً من أقذار التشبيه، وثانياً: مؤمناً بالصفات مصدقاً بها على أساس التنزيه، فيكون سالماً من أقذار التعطيل. فيجمع بين التنزيه والإيمان بالصفات على نحو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [1]، فمعتقده طريق سلامة محققة؛ لأنه مبني على ما تضمنته آية {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الآية من التنزيه، والإيمان بالصفات، فهو تنزيه من غير تعطيل وإيمان من غير تشبيه ولا تمثيل. وكل هذا طريق سلامة محققة، وعمل بالقرآن، فهذا هو مذهب السلف"[2].
وقال -رحمه الله- أيضاً: "والسلف الصالح رضي الله عنهم ما كانوا يشكون في شيء من ذلك، ولا كان يشكل عليهم. ألا ترى إلى قول الفرزدق، وهو شاعر فقط، وأما من جهة العلم فهو عاميّ: [1] سورة الشورى، الآية [11] . [2] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص47-48. وانظر آداب البحث والمناظرة 2/133.