ثمّ ذكر -رحمه الله- الموضع السابع من المواضع التي ذكرت فيها هذه الصفة العظيمة؛ وهو قوله تعالى في سورة الحديد: {هُوَ الأوَّلُ وَالأخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} "[1][2].
وبعد أن أورد الشيخ -رحمه الله- هذه الآيات الكريمات الدالة على ثبوت اتصاف الله سبحانه وتعالى بهذه الصفة العظيمة، نوه بأنّ بعض المتكلمين تجرأ على هذه الصفة الكريمة التي وصف الله تعالى بها نفسه فحرفها عن موضعها، وانتحل لها من تلقاء نفسه معاني عطلتها عن معناها الحقيقي المتضمن للكمال المطلق، زاعماً أنّ إثباتها على ظاهرها يجعلها صفة نقص لا يجوز اتصاف الربّ بها، لذلك تؤول بمعنى آخر غير المعنى الظاهر المتبادر إلى الذهن.
يقول الشيخ الأمين –رحمه الله- مبيّنا حال هؤلاء القوم: "فالشاهد أنّ هذه الصفات التي يظنّ الجاهلون أنها صفة نقص، ويتهجمون على ربّ السموات والأرض بأنه وصف نفسه بصفة نقص، ثمّ يسببون عن هذا أن ينفوها ويؤولوها، مع أنّ الله جلّ وعلا تمدح بها، وجعلها من صفات الجلال والكمال، مقرونة بما يبهر من صفات الجلال والكمال. وهذا يدلّ على جهل وهوس من ينفي بعض صفات الله جلّ وعلا بالتأويل" [3].
ولإبعاد الشبهة التي استقرت في عقول المؤولة؛ وهي أنّ صفة الاستواء تشابه صفة المخلوق، لذلك تحرف إلى استولى، أو غيرها أكد -رحمه الله- أنّ [1] سورة الحديد، الآيتان [3-4] . [2] منهج ودراسات ص32. وانظر: أضواء البيان 2/16-18. وآداب البحث والمناظرة 2/132. [3] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص32.