responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 18
ولا سيما أن تركه فيه ما يعرضه لمصاعب نفسية واجتماعية لا يقوى على تحملها فسوف يكون في تحملها انتحاره.
وعلى الرغم من أن المقدس تكتنفه تلك الصعوبات أو كما وصفه القرآن بقوله[1]: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} .
وقوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [2].
نقول: على الرغم من تلك التبعات وجد بجانب الأديان الصادقة والنبوءات الصادقة أديان كاذبة؛ أي: وجد بجانب المقدس الحقيقي مقدس غير حقيقي.
معنى ذلك -كما يفيدنا التاريخ- أن في الإنسان جانبا يحب الالتزام ببعض المبادئ وعليه أن يرعاه بالاعتقاد المقدس، فطلبا لحاجات الإنسان الروحية تبني متنبئون كثيرون هذا الجانب وأثروه بما شاءوا له من ثروات وبما طاب لهم من قول.
فالنبوءات الكاذبة توسع وتخييل في مفهوم المقدس، وقلنا: "توسع"؛ لأنها في حقيقة الأمر ليست من عند الله، لا وحيًا ولا تكليفًا، وتبين لنا في وضوح أن وجود الشيء المقدس الذي حمل الإنسان نفسه عليه كان لا يرى فيه أنه يلغي حريته؛ لأن عدم وجوده دعاه إلى طلبه وأعانه عليه شعوره بالحاجة إليه.
كذلك النبوءات الكاذبة: هي التي شلت العقل الشرقي عن أن يتابع وظيفته، وكان دور العقل معها شاقًا وعسيرًا حينما عزلته عن مناقشتها أو حتى عن فهم رمزها كما عرضت الأنبياء الصادقين لمحن القتل والاضطهاد وهم بصدد تحرير الفكر البشري والتشريع الإلهي من زيف المزيفين، وقد لبست النبوءات الكاذبة ثوب الصادقين؛ لتلبي حاجة الإنسان الضرورية إلى المقدس الحقيقي، وفي ذلك كله ما يؤكد أن في الإنسان حبًّا وميلًا طبعيًّا يدفعانه إلى الالتزام بمبادئ مقدسة إن غابت يبحث عنها في نفسه ويصاب بالقلق إن لم يجدها، ويبحث عنها المجتمع إن غابت عنه؛ فهي عامل أساسي في بنائه وتوجيه علاقاته.

[1] الآية 5 من سورة المزمل.
[2] الآية 72 من سورة الأحزاب.
نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست