نام کتاب : النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام نویسنده : أحمد عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 143
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًا بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام. وقد أكرمت رسولك"، وقد بعث إليه بجاريتين هما مارية وسيرين. وقد عرفت الأولى باسم مارية القبطية التي تزوجها النبي وولدت له إبراهيم. أما سيرين فقد تزوجها حسان بن ثابت.
ولا شك أن التمحيص التاريخي لكتاب المقوقس يقرب صحته لسببين على الأقل:
أحدهما: إن إرسال مارية إلى النبي باعتبارها ردًا كريمًا على كتابه إلى المقوقس ثم زواج النبي منها، وولادتها إبراهيم، ثم موته طفلًا وحزن النبي عليه وحديثه الشهير في رثائه ثم مقالة بعض المسلمين حين وافق موت إبراهيم كسوف الشمس فحسبوا ذلك معجزة وما كان من رد النبي عليهم حين قال قولته الخالدة: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته" كل ذلك حقائق تاريخية مسلم بها.
وأما الثاني: فهو قول المؤرخين المسلمين بأن المقوقس لم يسلم على الرغم من رده المهذب، فإن هذا يعني تحريهم الدقة فيما كتبوه، وكان بوسعهم إدعاء خلاف ذلك بعد أن انتشر الإسلام وساد.
بعد ذلك نقول: إن قول المقوقس في رسالته: "قد علمت أن نبيًا بقي" فهو يتفق وما في الأناجيل حتى اليوم. وأما قوله: "وكنت أظن أنه يخرج بالشام". فإنه يعني بوضوح أن توقع خروجه من الشام أو فلسطين مثلًا لا يعدو كونه مسألة ظنية، بدليل قوله: "كنت أظن"، وهو قد توقع خروجه بالشام لأن الشائع أن أنبياء كثيرين ظهروا في تلك البقعة من الأرض، فمن المتوقع -قياسًا على ذلك- أن يظهر النبي المرتقب فيها أيضًا.
بيد أن قول المسيح الذي قذف به في وجه رؤساء الكهنة وشيوخ اليهود في لقائه الغاضب بهم: "أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" "متى 21: 43" إن هذا القول يعني بوضوح وبساطة أن عهد خروج الأنبياء في تلك البقعة قد انتهى. لأن رسالة الله قد نزعت من تلك
نام کتاب : النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام نویسنده : أحمد عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 143