والجواب أن يقال: لا يخفى على كل منصف أن هذا التقسيم مشتمل على حق وباطل، ولكن حيث إن المعترض مراده بهذا التقسيم نصر ما ذهب إليه من الرأي الفاسد وخلط الحق بالباطل، ونحن ـ إن شاء الله تعالى ـ نُبَيِّن ما في ذلك من المقبول منه والمردود؛ فأقول:
إنَّ القسمين الأولين ـ وهمها: تذكر الموت والآخرة بزيارة القبور، والقسم الثاني: زيارتها للدّعاء لأهلها والترحّم عليهم ـ؛ هذا أمر مجمع عليه بين السلف والخلف، لا يختلف فيه اثنان، إلا شيء ورد عن بعض السلف، وهذا المورود لأدلة في ذلك؛ فمنها: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروها» ، وقوله: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» ... وغير ذلك. فلعلَّ القائلين بعدم جواز زيارة القبور لم يبلغهم الناسخ للنهي الأول.
وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لا ينكر زيارة القبور، ولا زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، بل ولا وزيارة قبر غيره من الأنبياء والصّالحين، بل ولا زيارة قبور الكافرين؛