أو طلب منهم ما لا يقدر عليه إلَّا الله ـ سبحانه ـ، أو عظّمهم، أو نذر عليهم بجزء من ماله، أو نحر لهم؛ فقد نزّلهم منزلة الآلهة التي كان المشركون يفعلون لها هذه الأفعال؛ فهو لم يعتقد معنى (لا إله إلَّا الله) ، ولا عمل بها؛ بل خالفها اعتقادًا وعملًا؛ فهو في قوله (لا إله إلَّا الله) كاذب على نفسه؛ فإنّه قد جعل إلهًا غير الله يعتقد أنّه يضرّ وينفع، وعبده بدعائه عند الشّدائد، والاستغاثة به عند الحاجة، وبخضوعه له وتعظيمه إيّاه، ونحر له النّحائر، وقرّب إليه نفائس الأموال، وليس مجرّد قوله (لا إله إلَّا الله) من دون عمل بمعناها مثبتًا للإسلام؛ فإنّه لو قالها أحد من أهل الجاهلية وعكف على صنمه يعبده لم يكن ذلك إسلامًا.
فإن قلتَ: قد أخرج أحمد بن حنبل والشّافعي في «مُسندَيهما» ، من حديث عبيد الله بن عديّ بن الخيار، أنّ رجلًا من الأنصار حدّثه أنّ رجلًا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه؛ فسارّه ييستأذنه في قتل رجل من المنافقين؛ فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أليس يشهد أن لا إله إلَّا الله؟» ؛ قال الأنصاريّ: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له! قال: «أليس يشهد أنّ محمّدًا رسول الله؟» ؛ قال: بلى، ولكن لا شهادة له! قال: «أليس يصلّي؟» ؛ قال: بلى، ولا صلاة له!