شمس الدّين ابن القيّم، وغيرهما.
وأمّا ما أطال به من السّبّ والشّتم لشيخ الإسلام؛ فإنّي أتركه له؛ لأنّه هو الأجد والأحرى به. ولما أفلس من الجواب؛ أخذ يُشَنّع بالشّتم والسّباب، وهذا شأن سفلة النّاس لا شأن أهل العلم، والسّبّ لا يظهر علمًا ولا يبني حقًّا؛ ولذلك لم نشتغل بمكافأته عليه.
وأمّا تعريضه ـ في أثناء سبّه ـ بقوله: «وجاء بعده من الحنابلة ممّن هو على مذهبه» ؛ يعني به: الحافظ شمس الدّين ابن عبد الهادي، صاحب كتاب «الصّارم المنكي في الرّد على السّبكيّ» ، وهو كتاب ليس له نظير في بابه؛ بيّن فيه حال الأحاديث التي أوردها السّبكيّ في الزّيارة شاهدًا لها بالصّحّة؛ فبيّن ضعفها ووضعها، كما بيّن ما افتراه السّبكيّ على شيخ الإسلام. فكان يلزم هذا المعترض بدل أن يشتغل بالسّبّ يشتغل بالرّدّ على هذا الكتاب، إن كان عنده علم؛ وإلَّا فكان يسعه السّكوت، ومن أين لك ذلك، والحافظ ابن عبد الهادي لم يتكلّم على هذه الأحاديث إلَّا بكلام أهل الفنّ فيها؛ فما ذنبه؟!
وقوله: «وأطال الكلام بما تَمُجّه الأسماع» ـ يعني: ابن تيميّة ـ!
وجوابه: نعم؛ أمثالكم الذين لم يألفوا الدّليل، وحرّموا عىل أنفسهم وعلى النّاس الاستهداء بالكتاب والسُّنّة؛ فلا يستطيعون سماع الأدِلّة إذا تواردت عليهم؛ لأنّها مخرّبة لبنيانهم، وهادمة لقواعدهم، مزعزعة لأصولهم، وأمّا المقتدون المتّبعون للدّليل؛ فإنّهم يجدون حلاوة واطمئنانًا في أنفسهم عند سماع الدّليل، وتنقبض نفوسهم عند سماع قال وقيل، ومِن المعلوم أنّ شيخ الإسلام ابن تيميّة لم يتكلّم في هذا الكتاب الذي ردّ به على القاضي المالكيّ في مسألتنا هذه ـ بل وفي سائر كتبه ـ إلَّا بصريح الأدِلّة النّقليّة والعقليّة، مع استفراغ الوسع في استنباط الأحكام منها.