responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 75
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد يضْطَر خبر الْوَاحِد فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى التَّصْدِيق يعرف ذَلِك من تدبر أُمُور نَفسه كمتذر يَمُوت إِنْسَان لدفنه وكرسالة من عِنْد السُّلْطَان يَأْتِي بهَا بريد وككتاب وَارِد من صديق بديهة وكمخبر يُخْبِرك أَن هَذَا دَار فلَان وكمنذر بعرس عِنْد فلَان وكرسول من عِنْد القَاضِي وَالْحَاكِم وَسَائِر ذَلِك من أَخْبَار بِأَن هَذَا فلَان بن فلَان وَمثل هَذَا كثير جدا وَهَذَا لَا يَنْضَبِط بِأَكْثَرَ مِمَّا يسمع وَمن رَاعى هَذَا الْمَعْنى لم يمض لَهُ يَوْم وَاحِد قطعا حَتَّى يُشَاهد فِي منزله وخارج منزله من خبر وَاحِد مَا يضْطَر إِلَى تَصْدِيقه وَلَا بُد كثيرا جدا وَأما فِي الشَّرِيعَة فخبر الْوَاحِد الثِّقَة مُوجب للْعلم وبرهان شَرْعِي قد ذَكرْنَاهُ فِي كتَابنَا الْأَحْكَام لأصول الْأَحْكَام وَقد ادّعى المخالفون أَن مَا اتّفقت عَلَيْهِ أمتنَا بآرائها فَهِيَ معصومة بِخِلَاف سَائِر الْأُمَم وَلَا رهان على هَذَا وَقَالَ النظام أَن خبر التَّوَاتُر لَا يضْطَر لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط وَالْكذب وَكَذَلِكَ يجوز على جَمِيعهم وَمن الْمحَال أَن يجْتَمع مِمَّن يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب وَمِمَّنْ يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب من لَا يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب وَنظر ذَلِك بأعمى وأعمى وأعمي فَلَا يجوز أَن يجْتَمع مبصرون
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا تنظير فَاسد لِأَن الْأَعْمَى لَيْسَ فِيهِ شَيْء من صِحَة الْبَصَر وَلَيْسَ كَذَلِك المخبرون لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم كَمَا يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب كَذَلِك يجوز عَلَيْهِ الصدْق وَيَقَع مِنْهُ وَقد علم بضرورة الْعقل أَن اثْنَيْنِ فَصَاعِدا إِذا فرق بَينهمَا لم يُمكن الْبَتَّةَ مِنْهُمَا أَن يتَّفقَا على توليد خبر كَاذِب يتفقان فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ فصح أَنَّهُمَا إِذا أخبرا بِخَبَر فاتفقا فِيهِ أَنَّهُمَا أخبرا عَن علم صَحِيح مَوْجُود عِنْدهمَا وَمن أنكر هَذَا لزمَه أَن لَا يصدق بِشَيْء من الْبِلَاد الغائبة عَنهُ وَلَا بالملوك السالفين وَلَا بالأنبياء وَهَذَا خُرُوج إِلَى الْجُنُون بِلَا شكّ أَو إِلَى المكابرة فِي الْحس وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن قَالَ قَائِل كَيفَ أجزتم هَهُنَا إِطْلَاق اسْم الضَّرُورَة والاضطرار ومنعتم من ذَلِك فِي أَفعَال الفاعلين عِنْد ذكركُمْ الِاسْتِطَاعَة وَخلق الله تَعَالَى أَفعَال الْعباد وكل ذَلِك عنْدكُمْ خلق الله تَعَالَى فِي عباده قُلْنَا أَن الْفرق بَين الْأَمريْنِ فِي ذَلِك لائح وَهُوَ أَن الْفَاعِل متوهم مِنْهُ ترك فعله لَو اخْتَار تَركه وممكن مِنْهُ ذَلِك وَلَيْسَ مُمكنا مِنْهُ اعْتِقَاد خلاف مَا تيقنه بِأَن يرفع عَن نَفسه تَحْقِيق مَا عرف أَنه أَحَق فَهَكَذَا أَو قعناها هُنَا اسْم الِاضْطِرَار ومنعناه مِنْهُ هُنَالك وَبِاللَّهِ تَعَالَى نتأيد
الْكَلَام على من قَالَ بتكافؤ الْأَدِلَّة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ذهب قوم إِلَى القَوْل بتكافؤ الْأَدِلَّة وَمعنى هَذَا أَنه لَا يُمكن نصر مَذْهَب على مَذْهَب وَلَا تَغْلِيب مقَالَة على مقَالَة حَتَّى يلوح الْحق من الْبَاطِل ظَاهر بَينا لَا إِشْكَال فِيهِ بل دَلَائِل كل مقَالَة فَهِيَ مكائنه لدلائل سَائِر المقالات وَقَالُوا كل مَا ثَبت بالجدل فَإِنَّهُ بالجدل ينْقض وانقسم هَؤُلَاءِ إِلَى أَقسَام ثَلَاثَة فِيمَا أنتجه لَهُم هَذَا الأَصْل فطائفة قَالَت بتكافؤ الْأَدِلَّة جملَة فِي كل مَا اخْتلف فِيهِ فَلم تحقق الْبَارِي تَعَالَى وَلَا أبطلته وَلَا أَثْبَتَت النُّبُوَّة وَلَا أبطلتها وَهَكَذَا فِي جَمِيع الْأَدْيَان والأهواء لم تثبت شَيْئا من ذَلِك وَلَا أبطلته إِلَّا أَنهم قَالُوا إننا نوقن أَن الْحق فِي أحد هَذِه الْأَقْوَال بِلَا شكّ إِلَّا أَنه غير بَين إِلَى أحد الْبَتَّةَ وَلَا ظَاهر وَلَا متميز اصلا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن يُونُس الْأَعْوَر الطَّبِيب الْيَهُودِيّ تدل أَقْوَاله ومناظراته دلَالَة صَحِيحَة على أَنه كَانَ يذهب إِلَى هَذَا القَوْل لاجتهاده فِي نصر هَذِه الْمقَالة وَإِن كَانَ غير مُصَرح بِأَنَّهُ يعتقدها وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى بتكافؤ الْأَدِلَّة فِيمَا دون الْبَارِي تَعَالَى فَأثْبت الْخَالِق تَعَالَى وَقطعت بِأَنَّهُ حق خَالق لكل مَا دونه بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ ثمَّ لم نحقق النُّبُوَّة وَلَا أبطلتها وَلَا حققت دين مِلَّة وَلَا أبطلته لَكِن قَالَت أَن فِي هَذِه الْأَقْوَال قولا صَحِيحا بِلَا شكّ إِلَّا

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست