responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 76
أَنه غير ظَاهر إِلَى أحد وَلَا بَين وَلَا كلفه الله تَعَالَى أحدا وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن القراد الطَّبِيب الْيَهُودِيّ يذهب إِلَى هَذَا القَوْل يَقِينا وَقد ناظرنا عَلَيْهِ مُصَرحًا بِهِ وَكَانَ يَقُول إِذا دعوناه إِلَى الْإِسْلَام وحسمنا شكوكه ونفضنا علله الِانْتِقَال فِي الْملَل تلاعب
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد ذكرلنا عَن قوم من أهل النّظر والرياسة فِي الْعلم هَذَا القَوْل إِلَّا أننا لم يثبت ذَلِك عندنَا عَنْهُم وَطَائِفَة قَالَت بتكافؤ الْأَدِلَّة فِيمَا دون الْبَارِي عز وَجل وَدون النُّبُوَّة فَقطعت أَن الله عز وَجل حق وَأَنه خَالق الْخلق وَأَن النُّبُوَّة حق وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقًا ثمَّ لم يغلب قولا من من أَقْوَال أهل الْقبْلَة على قَول بل قَالُوا أَن فِيهَا قولا هُوَ الْحق بِلَا شكّ إِلَّا أَنه غير بَين إِلَى أَحْمد وَلَا ظَاهر وَأما الْأَقْوَال الَّتِي صَارُوا إِلَيْهَا فِيمَا يثبتوا عَلَيْهَا مِنْهَا فطائفة لَزِمت الْحيرَة وَقَالَت لَا نَدْرِي مَا نعتقد وَلَا يمكننا أَخذ مقَالَة لم يَصح عندنَا دون غَيرهَا مغالطين لأنفسنا مكابرين لعقولنا لَكنا لَا ننكر شَيْئا من ذَلِك وَلَا نثبته وَجُمْهُور هَذِه الطَّائِفَة مَالَتْ إِلَى اللَّذَّات وأمراح النُّفُوس فِي الشَّهَوَات كَيفَ مَا مَالَتْ إِلَيْهِ بطبايعها وَطَائِفَة قَالَت على الْمَرْء فرض لموجب الْعقل أَلا يكون سداً بل يلْزمه وَلَا بُد أَن يكون لَهُ دين برد جربه عَن الظُّلم والقبائح وَقَالُوا من لَا دين لَهُ فَهُوَ غير مَأْمُور فِي هَذَا الْعَالم على الْإِفْسَاد وَقتل النُّفُوس غيلَة وجهراً وَأخذ الْأَمْوَال خِيَانَة وعصياً والتعدي على الْفروج تحيلاً وَعَلَانِيَة وَفِي هَذَا هَلَاك الْعَالم بأسره وَفَسَاد البنية وانحلال النظام وَبطلَان الْعُلُوم والفضائل كلهَا الَّتِي تَقْتَضِي الْعُلُوم يلْزمهَا وَهَذَا هُوَ الْفساد الَّذِي توجب الْعُقُول التَّحَرُّز مِنْهُ واجتنابه قَالُوا فَمن لَا دين لَهُ فَوَاجِب على كل من قدر على قَتله أَن يُسَارع إِلَى قَتله وإراحة الْعَالم مِنْهُ وتعجيل استكفاف ضره لِأَنَّهُ كالأفعى وَالْعَقْرَب أَو أضرّ مِنْهُمَا ثمَّ انقسم هَؤُلَاءِ قسمَيْنِ قَالَت طَائِفَة فَإِذا الْأَمر كَذَلِك فَوَجَبَ على الْإِنْسَان لُزُوم الدّين الَّذِي نَشأ عَلَيْهِ أَو ولد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الدّين الَّذِي تخيره الله لَهُ فِي مبدأ خلقه ومبدأ نشأته بِيَقِين وَهُوَ الَّذِي أثْبته الله عَلَيْهِ فَلَا يحل لَهُ الْخُرُوج عَمَّا رتبه الله تَعَالَى فِيهِ وابتداه عَلَيْهِ أَي دين كَانَ وَهَذَا كَانَ قَول إِسْمَاعِيل بن القداد وَكَانَ يَقُول من خرج من دين إِلَى دين فَهُوَ وقاح متلاعب بالأديان عَاص لله عز وَجل المتعبد لَهُ بذلك الدّين وَكَانَ يَقُول بِالْمَسْأَلَة الْكُلية وَمعنى ذَلِك أَلا يبْقى أحد دون دين يَعْتَقِدهُ على مَا ذكرنَا آنِفا وَقَالَت طَائِفَة لَا عذر للمرء فِي لُزُوم دين أَبِيه وجده أَو سَيّده وجاره وَلَا حجَّة فِيهِ لَكِن الْوَاجِب على كل أحد أَن يلْزم مَا اجْتمعت الديانَات بأسرها والعقول بكليتها على صِحَّته وتفضيله فَلَا يقتل أحدا وَلَا يَزْنِي وَلَا يلوط وَلَا يبغ بِهِ وَلَا يسع فِي إِفْسَاد حُرْمَة أحد وَلَا يسرق وَلَا يغصب وَلَا يظلم وَلَا يجر وَلَا يحن وَلَا يغش وَلَا يغتب وَلَا ينم وَلَا يسفه وَلَا يضْرب أحدا وَلَا يستطيل عَلَيْهِ وَلَكِن يرحم النَّاس وَيتَصَدَّق وَيُؤَدِّي الْأَمَانَة ويؤمن النَّاس شَره ويعين الْمَظْلُوم وَيمْنَع مِنْهُ فَهَذَا هُوَ الْحق بِلَا شكّ لِأَنَّهُ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من الديانَات كلهَا ويتوقف عَمَّا اخْتلفُوا فِيهِ لَيْسَ علينا غير هَذَا لِأَنَّهُ لم يلح لنا الْحق فِي شَيْء مِنْهُ دون غَيره
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَذِهِ أصولهم ومعاقدهم وَأما احتجاجهم فِي ذَلِك فَهُوَ أَنهم قَالُوا وجدنَا الديانَات والآراء والمقالات كل طَائِفَة تَدعِي أَنَّهَا إِنَّمَا اعتقدت مَا اعتقدته عَن الأوايل وبراهين باهرة وكل طَائِفَة مِنْهَا تناظر الْأُخْرَى فتنتصف مِنْهَا وَرُبمَا غلبت هَذِه فِي مجْلِس ثمَّ غلبتها الْأُخْرَى فِي مجْلِس آخر على حسب قُوَّة نظر المناظر وَقدرته على الْبَيَان والتحلل والتشعب لَهُم فِي ذَلِك كالمنحازين يكون الظفر سجالاً بَينهم قَالُوا فصح أَنه لَيْسَ هَا هُنَا قَول ظَاهر الغلية وَلَو كَانَ لما أشكل على أحد وَلم يخْتَلف النَّاس فِي ذَلِك كَمَا لم يَخْتَلِفُوا فِيمَا أدركوه بحواسهم وبداية عُقُولهمْ وكما لم يَخْتَلِفُوا فِي الْحساب وَفِي كل شَيْء عَلَيْهِ برهَان لايح قَالُوا وَمن الْمحَال أَن يَبْدُو الْحق إِلَى النَّاس

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست