نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 121
أبي بكر سعي مِنْهُ فِي حطه عَن مَكَان جعله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقًا لأبي بكر وسعي مِنْهُ فِي فسخ نَص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على تَقْدِيمه إِلَى الصَّلَاة وَهَذَا أَشد من رد إِنْسَان نَفَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذنب ثمَّ تَابَ مِنْهُ وَأَيْضًا فَإِن عليا قد تَابَ واعترف بالْخَطَأ لِأَنَّهُ إِذا بَايع أَبَا بكر بعد سِتَّة أشهر تَأَخّر فِيهَا عَن بيعَته لَا يَخْلُو ضَرُورَة من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون مصيباً فِي تَأَخره فقد أَخطَأ إِذْ بَايع أَو يكون مصيباً فِي بيعَته فقد أَخطَأ إِذا تَأَخّر عَنْهَا قَالُوا والممتنعون من بيعَة عَليّ لم يعترفوا قطّ بالْخَطَأ على أنفسهم فِي تأخرهم عَن بيعَته قَالُوا فَإِن كَانَ فعلهم خطأ فَهُوَ أخف من الْخَطَأ فِي تَأَخّر عَليّ عَن بيعَة أبي بكر وَإِن كَانَ فعلهم صَوَابا فقد برئوا من الْخَطَأ جملَة قَالُوا والبون بَين طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بن أبي وَقاص وَعلي خَفِي جدا فقد كَانُوا فِي الشورى مَعَه لَا يَبْدُو لَهُ فضل تفوق عَلَيْهِم وَلَا على وَاحِد مِنْهُم واما البون بَين عَليّ وَأبي بكر فأبين وَأظْهر فهم من امتناعهم عَن بيعَته أعذر لخفاء التَّفَاضُل قَالُوا وهلا فعل عَليّ فِي قتلة عُثْمَان كَمَا فعل بقتلة عبد الله بن خباب بن الأرث فَإِن الْقصَّتَيْنِ اسْتَويَا فِي التَّحْرِيم فالمصيبة فِي قتل عُثْمَان فِي الْإِسْلَام وَعند الله عز وَجل وعَلى الْمُسلمين أعظم جرما وأوسع خرقاً وأشنع إِثْمًا وأهول فسقا من الْمُصِيبَة فِي قتل عبد الله بن خباب قَالُوا وَفعله فِي طلب دم عبد الله بن خباب يقطع حجَّة من تَأَول على عَليّ أَنه يُمكن أَن يكون لَا يرى قتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا كل مَا يُمكن أَن تحتج بِهِ هَذِه الطَّائِفَة قد تقصيناه وَنحن إِن شَاءَ الله تَعَالَى متكلمون على مَا ذهبت إِلَيْهِ كل طَائِفَة من هَذِه الطوائف حَتَّى يلوح الْحق فِي ذَلِك بعون الله تَعَالَى وتأييده
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) نبدأ بعون الله عز وَجل بإنكار الْخَوَارِج للتحكيم
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) قَالُوا حكم على الرِّجَال فِي دين الله تَعَالَى وَالله عز وَجل قد حرم ذَلِك بقوله {إِن الحكم إِلَّا لله} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا اختلفتم فِيهِ من شَيْء فَحكمه إِلَى الله}
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) مَا حكم عَليّ رَضِي الله عَنهُ قطّ رجلا فِي دين الله وحاشاه من ذَلِك وَإِنَّمَا حكم كَلَام الله عز وَجل كَمَا افْترض الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اتّفق الْقَوْم كلهم إِذا رفعت الْمَصَاحِف على الرماح وتداعوا إِلَى مَا فِيهَا على الحكم بِمَا أنزل الله عز وَجل فِي الْقُرْآن وَهَذَا وَهُوَ الْحق الَّذِي لَا يحل لأحد غَيره لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} فَإِنَّمَا حكم عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَبَا مُوسَى وَعَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا ليَكُون كل وَاحِد مِنْهُمَا مدلياً بِحجَّة من قدمه وليكونا متخاصمين عَن الطَّائِفَتَيْنِ ثمَّ حاكمين لمن أوجب الْقُرْآن الحكم لَهُ وَإِذ من الْمحَال الْمُمْتَنع الَّذِي لَا يُمكن الَّذِي لَا يفهم لغط العسكرين أَو أَن يتَكَلَّم جَمِيع أهل الْعَسْكَر بحجتهم فصح يَقِينا لَا محيد عَنهُ صَوَاب عَليّ فِي تحكيم الْحكمَيْنِ وَالرُّجُوع إِلَى مَا أوجبه الْقُرْآن وَهَذَا الَّذِي لَا يجوز غَيره وَلَكِن أسلاف الْخَوَارِج كَانُوا أعراباً قرؤا الْقُرْآن قبل أَن يتفقهوا فِي السّنَن الثَّابِتَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن فيهم أحد من الْفُقَهَاء لَا من أَصْحَاب ابْن مَسْعُود وَلَا أَصْحَاب عَمْرو وَلَا أَصْحَاب عَليّ وَلَا أَصْحَاب عَائِشَة وَلَا أَصْحَاب أبي مُوسَى وَلَا أَصْحَاب معَاذ بن جبل وَلَا أَصْحَاب أبي الدَّرْدَاء وَلَا أَصْحَاب سلمَان وَلَا أَصْحَاب زيد وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَلِهَذَا تجدهم يكفر بَعضهم بَعْضًا عِنْد اقل نازلة تنزل بهم من دقائق الْفتيا وصغارها فَظهر ضعف الْقَوْم وَقُوَّة جهلهم وَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 121