responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 74
وَأَيْضًا فقد كَانَ عز وَجل قَادِرًا على ان يَجْعَل غذاءنا فِي غير الْحَيَوَان لَكِن فِي النَّبَات وَالثِّمَار كعيش كثير من النَّاس فِي الدُّنْيَا لَا يَأْكُلُون لَحْمًا فَمَا ضرهم ذَلِك فِي عيشهم شَيْئا فَهَل هَاهُنَا إِلَّا ان الله تَعَالَى لَا يجوز الحكم على أَفعاله بِمَا يحكم بِهِ على أفعالنا لأننا مأمورون منهيون وَهُوَ تَعَالَى آمرنا لَا مَأْمُور وَلَا مَنْهِيّ فَكل مَا فعل فَهُوَ عدل وَحِكْمَة وَحقّ وكل مَا فَعَلْنَاهُ فَإِنَّهُ وَافق أمره عز وَجل كَانَ عدلا وَحقا وَإِن خَالف أمره عز وَجل كَانَ جوراً وظلماً
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما الْحَيَوَان فَإِن قَوْلنَا فِيهِ هُوَ نَص مَا قَالَه الله عز وَجل وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ يَقُول عز وَجل {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون} وَقَالَ عز وَجل {وَإِذا الوحوش حشرت} فَنحْن موقنون أَن الوحوش كلهَا وَجَمِيع الدَّوَابّ وَالطير تحْشر كلهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا شَاءَ الله تَعَالَى وَلما شَاءَ عز وَجل وَأما نَحن فَلَا نَدْرِي لماذا وَالله أعلم بِكُل شَيْء وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يقْتَصّ يَوْمئِذٍ للشاه الْجَمَّاء من الشَّاة القرناء فَنحْن نقر بِهَذَا وَبِأَنَّهُ يقْتَصّ يَوْمئِذٍ للشاة الْجَمَّاء من الشَّاة القرناء وَلَا نَدْرِي مَا يفعل الله بهما بعد ذَلِك إِلَّا أَنا نَدْرِي يَقِينا أَنَّهَا لَا تعذب بالنَّار لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى} وبيقين نَدْرِي أَن هَذِه الصّفة لَيست إِلَّا فِي الْجِنّ وَالْإِنْس خَاصَّة وَلَا علم لنا إِلَّا مَا علمنَا الله تَعَالَى وَقد أيقنا ان سَائِر الْحَيَوَان الَّذِي فِي هَذَا الْعَالم مَا عدا الْمَلَائِكَة والحور وَالْإِنْس وَالْجِنّ فَإِنَّهُ غير متعبد بِشَرِيعَتِهِ وَأما الْجنَّة فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة وَالْحَيَوَان حاشى من ذكرنَا لَا يَقع عَلَيْهِم اسْم مُسلمين لِأَن الْمُسلم هُوَ المتعبد بِالْإِسْلَامِ وَالْحَيَوَان الْمَذْكُور غير متعبد بشرع فَإِن قَالَ قَائِل أَنكُمْ تَقولُونَ أَن أَطْفَال الْمُسلمين وَأَطْفَال الْمُشْركين كلهم فِي الْجنَّة فَهَل يَقع على هَؤُلَاءِ اسْم مُسلمين فجوابنا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن نقُول نعم كلهم مُسلمُونَ بلاشك لقَوْل الله تَعَالَى {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} وَقَوله تَعَالَى {فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله} وَلقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَرُوِيَ على الْملَّة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ أَو يشركانه وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الله عز وَجل إِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء كلهم فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِين عَن دينهم فصح لَهُم كلهم اسْم الْإِسْلَام وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَقد نَص عَلَيْهِ السَّلَام على أَنه رأى كل من مَاتَ طفْلا من أَوْلَاد الْمُشْركين وَغَيرهم فِي رَوْضَة مَعَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما المجانين وَمن مَاتَ فِي الفترة وَلم تبلغه دَعْوَة نَبِي وَمن إدركه الاسلام وَقد هرم أَو أَصمّ لَا يسمع فقد صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تبْعَث لَهُم يَوْم الْقِيَامَة نَار موقدة ويؤمرون بِدُخُولِهَا فَمن دَخلهَا كَانَت عَلَيْهِ برد أَو دخل الْجنَّة أَو كلا مَا هَذَا مَعْنَاهُ فَنحْن نؤمن بِهَذَا ونقر بِهِ وَلَا علم لنا إِلَّا مَا علمنَا الله تَعَالَى على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِذ بلغ الْكَلَام هَا هُنَا فلنصله إِن شَاءَ الله تَعَالَى راغبين فِي الْأجر من الله عز وَجل على بَيَان الْحق فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى نتأيد أَن الله تَعَالَى قد نَص كَمَا ذكرنَا أَنه آخذ من بني آدم من ظُهُورهمْ ذرياتهم وَهَذَا نَص جلي على أَنه عز وَجل خلق أَنْفُسنَا كلهَا من عهد آدم عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن الأجساد حِينَئِذٍ بِلَا شكّ كَانَت تُرَابا وَمَاء وَأَيْضًا فَإِن الْمُكَلف الْمُخَاطب إِنَّمَا هُوَ النَّفس لَا الْجَسَد فصح يَقِينا أَن نفوس كل من يكون من بني آدم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَانَت مَوْجُودَة مخلوقة حِين خلق آدم بِلَا شكّ وَلم

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست