responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 55
اضطرارية وحركة اختيارية وسكوناً اختيارياً وسكوناً اضطرارياً وكل ذَلِك حَرَكَة تحد بِحَدّ الْحَرَكَة وَسُكُون يحد بِحَدّ السّكُون وَمن الْمحَال أَن يكون بعض الحركات مخلوقاً لله تَعَالَى وَبَعضهَا غير مَخْلُوق وَكَذَلِكَ السّكُون أَيْضا فَإِن لجؤا إِلَى قَول معمر فِي أَن هَذِه الْأَعْرَاض كلهَا فعل مَا ظَهرت فِيهِ بطباع ذَلِك الشَّيْء سهل أَمرهم بعون الله تَعَالَى وَذَلِكَ أَنهم إِذا أقرُّوا أَن الله تَعَالَى خَالق المطبوعات ومرتب الطبيعة على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ تَعَالَى خَالق مَا ظهر مِنْهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ رتب كَونه وظهوره على مَا هُوَ عَلَيْهِ رُتْبَة لَا يُوجد بِخِلَافِهَا وَهَذَا هُوَ الْخلق بِعَيْنِه وَلَكنهُمْ قوم لَا يعلمُونَ كالمتكسع فِي الظُّلُمَات وكما قَالَ تَعَالَى {كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا} نَعُوذ بِاللَّه من الخذلان وَأَيْضًا فَإِن نوع الحركات مَوْجُود قبل خلق النَّاس فَمن الْمحَال الْبَين أَن يخلق الْمَرْء مَا قد كَانَ نَوعه مَوْجُودا قبله وَأَيْضًا فَإِن عمدتهم فِي الِاحْتِجَاج على الْقَائِلين بِأَن الْعَالم لم يزل إِنَّمَا هِيَ مُقَارنَة الْأَعْرَاض للجواهر وَظُهُور الحركات مُلَازمَة للمتحرك بهَا فَإِذا كَانَ ذَلِك دَلِيلا باهراً على حُدُوث الْجَوَاهِر وَأَن الله تَعَالَى خلقهَا فَمَا الْمَانِع من أَن يكون ذَلِك دَلِيلا باهراً أَيْضا على حُدُوث الْأَعْرَاض وَأَن الله تَعَالَى خلقهَا لَوْلَا ضعف عقول الْقَدَرِيَّة وَقلة علمهمْ نَعُوذ بِاللَّه مِمَّا امتحنهم بِهِ ونسأله التَّوْفِيق لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى قَالَ {إِذا لذهب كل إِلَه بِمَا خلق} فَأثْبت تَعَالَى أَن من خلق شَيْئا فَهُوَ لَهُ إِلَه فيلزمهم بِالضَّرُورَةِ إِنَّهُم آلِهَة لأفعالهم الَّتِي خلقوها وَهَذَا كفر مُجَرّد إِن طردوه وَإِلَّا لَزِمَهُم الِانْقِطَاع وَترك قَوْلهم الْفَاسِد وَأَيْضًا فَإِن من خلق شَيْئا لم يعنه غَيره عَلَيْهِ لَكِن انْفَرد بخلقه فبالضرورة يعلم أَنه يصرف مَا خلق كَمَا يَفْعَله إِذا شَاءَ ويتركه إِذا شَاءَ ويفعله حسنا إِذا شَاءَ وقبيحاً إِذا شَاءَ فَإذْ هم خلقُوا حركاتهم وإرادتهم منفردين بخلقها فليظهروها إِلَى أبصارنا حَتَّى نرَاهَا أَو نلمسها أَو ليزيدوا فِي قدرهَا وليخالفوها عَن رتبتها فَإِن قَالُوا لَا نقدر على ذَلِك فليعلموا انهم كاذبون فِي دعاويهم خلقهَا لأَنْفُسِهِمْ فَإِن قَالُوا إِنَّمَا نفعلها كَمَا قوانا الله على فعلهَا فليعلمون أَن الله تَعَالَى إِذا هُوَ المقوي على فعل الْخَيْر وَالشَّر فَإِن بِهِ عز وَجل كَانَ الْخَيْر وَالشَّر وَإِذ لَوْلَا هُوَ لم يكن خير وَلَا شَرّ وَبِه كَانَا فَهُوَ كَونهمَا وأعان عَلَيْهِمَا وأظهرهما واخترعهما وَهَذَا معنى خلقه تَعَالَى لَهما وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَمن الْبُرْهَان أَن الله تَعَالَى خَالق أَفعَال خلقه قَوْله تَعَالَى حاكياً عَن سحرة فِرْعَوْن مُصدقا لَهُم ومثنيا عَلَيْهِم فِي قَوْلهم {رَبنَا أفرغ علينا صبرا} فصح أَنه خَالق مَا يفرغه من الصَّبْر الَّذِي لَو لم يفرغه على الصابر لم يكن لَهُ صَبر وَأَيْضًا فَإِن جنس الحركات كلهَا والسكون كُله والمعارف كلهَا جنس وَاحِد وكل مَا قيل على الْكل قيل على جَمِيع أَجْزَائِهِ وعَلى كل بعض من أَبْعَاضه فنسألهم عَن حركات الْحَيَوَان غير النَّاطِق وسكونه ومعرفته بِمَا يعرف من مضاره ومنافعه فِي أكله وشربه وَغير ذَلِك أكل ذَلِك مَخْلُوق لله تَعَالَى أم هُوَ غير مَخْلُوق فَإِن قَالُوا كل ذَلِك مَخْلُوق كَانُوا قد نقضوا هَذِه الْمُقدمَات الَّتِي يشْهد الْعقل والحس بتصديقها وَظهر فَسَاد قَوْلهم فِي التَّفْرِيق بَين معرفتنا وَمَعْرِفَة سَائِر الْحَيَوَان بِمَا عرفه وَبَين حركاتنا وَبَين حركات سَائِر الْحَيَوَان وَبَين سكوننا وسكونه وَهَذِه مُكَابَرَة ظَاهِرَة وَدَعوى بِلَا برهَان وَإِن قَالُوا بل كل ذَلِك غير مَخْلُوق ألزمناهم مثل ذَلِك فِي سَائِر الْأَعْضَاء كلهَا فَإِن تناقضوا كفونا أنفسهم وَإِن تَمَادَوْا لَزِمَهُم أَنه تَعَالَى لم يخلق شَيْئا من الْأَعْرَاض وَهَذَا إلحاد ظَاهر وَإِبْطَال لِلْخلقِ وَكفى بِهَذَا إضلالاً ونعوذ بِاللَّه من الخذلان وَيَكْفِي من هَذَا أَن

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست