responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 2  صفحه : 129
آدم على صورته إِنَّمَا هُوَ على صفة الرَّحْمَن من الْحَيَاة وَالْعلم والاقتدار واجتماع صِفَات الْكَمَال فِيهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته كَمَا أسجدهم لنَفسِهِ وَجعل لَهُ الْأَمر وَالنَّهْي على ذُريَّته كَمَا كَانَ لله كل ذَلِك
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا نَص كَلَام أبي جَعْفَر السَّمْعَانِيّ عَن شُيُوخه حرفا حرفا وَهَذَا كفر مُجَرّد لَا مرية فِيهِ لِأَنَّهُ سوى (1) بَين الله عز وَجل وآدَم فِي الْحَيَاة وَالْعلم والاقتدار واجتماع صِفَات الْكَمَال فيهمَا وَالله يَقُول لَيْسَ كمثله شَيْء ثمَّ لم يقنعوا بهَا حَتَّى جعلُوا سُجُود الْمَلَائِكَة لآدَم كسجودهم لله عز وَجل وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن سجودهم لله تَعَالَى سُجُود عبَادَة ولآدم سُجُود تَحِيَّة وإكرام وَمن قَالَ إِن الْمَلَائِكَة عبدت آدم كَمَا عبدت الله عز وَجل فقد اشرك ثمَّ زَاد فِي الْأَمر وَالنَّهْي لآدَم على ذُريَّته كَمَا هُوَ الله تَعَالَى وَهَذَا شرك لَا خَفَاء بِهِ وَلَوَدِدْنَا أَن نَعْرِف مَا هِيَ صِفَات الْكَمَال الَّتِي ذكر هَذَا الْإِنْسَان أَنَّهَا اجْتمعت فِي آدم كَمَا اجْتمعت فِي الله عز وَجل أَن هَذَا الْإِلْحَاد وَالِاسْتِخْفَاف بِاللَّه تَعَالَى لَا نَدْرِي كَيفَ تكلم وأنطق لِسَانه من يعرف أَن الله تَعَالَى لم يكن لَهُ كفوا أحد وَوَاللَّه إِن صِفَات الْكَمَال فِي الْمَلَائِكَة لأكْثر مِنْهَا فِي آدم وَإِن صِفَات الِاثْنَيْنِ الَّتِي شاركوا فِيهَا آدم عَلَيْهِ السَّلَام كصفات الْجِنّ وَلَا فرق بَين الْحَيَاة وَالْعلم وَالْقُوَّة والتناسل وَغير ذَلِك فَالْكل على هَذَا على صُورَة الله تَعَالَى هَذَا القَوْل الملعون قائلة ونعوذ بِاللَّه من الضلال وَكَذَلِكَ مَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَوْم الْقِيَامَة أَن الله عز جلّ يكْشف عَن سَاق فَيَخِرُّونَ سجدا فَهَذَا كَمَا قَالَ الله عز وَجل فِي الْقُرْآن
يَوْم يكْشف عَن سَاق وَيدعونَ إِلَى السُّجُود وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن شدَّة الْأَمر وَهُوَ الْمَوْقُوف كَمَا تَقول الْعَرَب قد شمرت الْحَرْب عَن سَاقهَا قَالَ جرير ... الْأَدَب سامي الطّرف من آل مَازِن ... إِذا شمرت عَن سَاقهَا الْحَرْب شمرا ... وَالْعجب مِمَّن يُنكر هَذِه الْأَخْبَار الصاح وَإِنَّمَا جات بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن نصا وَلَكِن من ضَاقَ علمه أنكر مَا لَا علم لَهُ بِهِ وَقد عَابَ الله هَذَا فَقَالَ
بل كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ وَلما يَأْتهمْ تَأْوِيله
وَاخْتلف النَّاس فِي الْأَمر وَالرَّحْمَة والعزة فَقَالَ قوم هِيَ صِفَات ذَات لم تزل وَقَالَ آخَرُونَ لم يزل الله تَعَالَى الله الْعَزِيز لرحمن الرَّحِيم بِذَاتِهِ وَأما الرَّحْمَة وَالْأَمر فمخلوقان

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 2  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست