responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 93
وَقَالَت فرقة مستقرها الْعَدَم الْمَحْض وَهَذَا قَول من يَقُول ان النَّفس عرض من أَعْرَاض الْبدن كحياته وإدراكه فتعدم بِمَوْت الْبدن كَمَا تعدم سَائِر الْأَعْرَاض الْمَشْرُوطَة بحياته وَهَذَا قَول مُخَالف لنصوص الْقُرْآن وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كَمَا سنذكر ذَلِك إِن شَاءَ الله وَالْمَقْصُود أَن عِنْد هَذِه الْفرْقَة المبطلة ان مُسْتَقر الْأَرْوَاح بعد الْمَوْت الْعَدَم الْمَحْض
وَقَالَت فرقة مستقرها بعد الْمَوْت أَرْوَاح أخر تناسب أخلاقها وصفاتها الَّتِي اكتسبتها فِي حَال حَيَاتهَا فَتَصِير كل روح إِلَى بدن حَيَوَان يشاكل تِلْكَ الْأَرْوَاح فَتَصِير النَّفس السبعية إِلَى ابدان السبَاع والكلبية إِلَى أبدان الْبَهَائِم والدنية والسفلية إِلَى أبدان الحشرات وَهَذَا قَول المتناسخة منكرى الْمعَاد وَهُوَ قَول خَارج عَن أَقْوَال أهل الْإِسْلَام كلهم
فَهَذَا مَا تلخص لى من جمع أَقْوَال النَّاس فِي مصير أَرْوَاحهم بعد الْمَوْت وَلَا تظفر بِهِ مجموعا فِي كتاب وَاحِد غير هَذَا الْبَتَّةَ وَنحن نذْكر مَأْخَذ هَذِه الْأَقْوَال وَمَا لكل قَول وَمَا عَلَيْهِ وَمَا هُوَ الصَّوَاب من ذَلِك الذى دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة على طريقتنا الَّتِي من الله بهَا وَهُوَ مرجو الْإِعَانَة والتوفيق فصل
فَأَما من قَالَ هى فِي الْجنَّة فاحتج بقوله تَعَالَى {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} قَالَ وَهَذَا ذكره سُبْحَانَهُ عقيب ذكر خُرُوجهَا من الْبدن بِالْمَوْتِ وَقسم الْأَرْوَاح إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام مقربين وَأخْبر أَنَّهَا فِي جنَّة النَّعيم وَأَصْحَاب يَمِين حكم لَهَا بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يتَضَمَّن سلامتها من الْعَذَاب ومكذبة ضَالَّة وَأخْبر أَن لَهَا نزلا من حميم وتصلية جحيم قَالُوا وَهَذَا بعد مفارقتها للبدن قطعا وَقد ذكر سُبْحَانَهُ حَالهَا يَوْم الْقِيَامَة فِي أول السُّورَة فَذكر حَالهَا بعد الْمَوْت وَبعد الْبَعْث وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} وَقد قَالَ غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ان هَذَا يُقَال لَهَا عِنْد خُرُوجهَا من الدُّنْيَا يبشرها الْملك بذلك وَلَا يُنَافِي ذَلِك قَول من قَالَ ان هَذَا يُقَال لَهَا فِي الْآخِرَة فانه يُقَال لَهَا عِنْد الْمَوْت وَعند الْبَعْث وَهَذِه من الْبُشْرَى الَّتِي قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة أَلا تخافوا وَلَا تحزنوا وَأَبْشِرُوا بِالْجنَّةِ الَّتِي كُنْتُم توعدون} وَهَذَا التنزل يكون عِنْد الْمَوْت وَيكون فِي الْقَبْر وَيكون عِنْد الْبَعْث وَأول بِشَارَة الْآخِرَة عِنْد الْمَوْت
وَقد تقدم فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب أَن الْملك يَقُول لَهَا عِنْد قبضهَا أبشرى بِروح وَرَيْحَان وَهَذَا من ريحَان الْجنَّة

نام کتاب : الروح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست