responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 29
وَقَالَ بعض أَصْحَاب ابْن جريج رَأَيْت كأنى جِئْت إِلَى هَذِه الْمقْبرَة الَّتِي بِمَكَّة فَرَأَيْت على عامتها سرادقا وَرَأَيْت مِنْهَا قبرا عَلَيْهِ سرادق وقسطاط وسدرة فَجئْت حَتَّى دخلت فَسلمت عَلَيْهِ فَإِذا مُسلم بن خَالِد الزنجى فَسلمت عَلَيْهِ وَقلت يَا أَبَا خَالِد مَا بَال هَذِه الْقُبُور عَلَيْهَا سرادق وقبرك عَلَيْهِ سرادق وفسطاط وَفِيه سِدْرَة فَقَالَ أَنى كنت كثير الصّيام فَقلت فَأَيْنَ قبر ابْن جريج وَأَيْنَ مَحَله فقد كنت أجالسه وَأَنا أحب أَن أسلم عَلَيْهِ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ هَيْهَات وأدار أُصْبُعه السبابَة وَأَيْنَ ابْن جريج رفعت صَحِيفَته فِي عليين
وَرَأى حَمَّاد بن سَلمَة فِي النّوم بعض الْأَصْحَاب فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ قَالَ لى طَال مَا كددت نَفسك فِي الدُّنْيَا فاليوم أطبل راحتك وراحة المتعبين
وَهَذَا بَاب طَوِيل جدا فَإِن لم تسمح نَفسك بتصديقه وَقلت هَذِه منامات وَهِي غير معصومة فَتَأمل من رأى صاحبا لَهُ أَو قَرِيبا أَو غَيره فَأخْبرهُ بِأَمْر لَا يُعلمهُ إِلَّا صَاحب الرُّؤْيَا أَو أخبرهُ بِمَال دَفنه أَو حذره من أَمر يَقع أَو بشره بِأَمْر يُوجد فَوَقع كَمَا قَالَ أَو أخبرهُ بِأَنَّهُ يَمُوت هُوَ أَو بعض أَهله إِلَى كَذَا وَكَذَا فَيَقَع كَمَا أخبر أَو أخبرهُ بخصب أَو جَدب أَو عَدو أَو نازلة أَو مرض أَو بغرض لَهُ فَوَقع كَمَا أخبرهُ وَالْوَاقِع من ذَلِك لَا يُحْصِيه إِلَّا الله وَالنَّاس مشتركون فِيهِ وَقد رَأينَا نَحن وغيرنا من ذَاك عجائب
وأبطل من قَالَ أَن هَذِه كلهَا عُلُوم وعقائد فِي النَّفس تظهر لصَاحِبهَا عِنْد انْقِطَاع نَفسه عَن الشواغل الْبَدَنِيَّة بِالنَّوْمِ وَهَذَا عين الْبَاطِل والمحال فَإِن النَّفس لم يكن فِيهَا قطّ معرفَة هَذِه الْأُمُور الَّتِي يخبر بهَا الْمَيِّت وَلَا خطرت ببالها وَلَا عِنْدهَا عَلامَة عَلَيْهَا وَلَا أَمارَة بِوَجْه مَا وَنحن لَا ننكر أَن الْأَمر قد يَقع كَذَلِك
وَإِن من الرُّؤْيَا مَا يكون من حَدِيث النَّفس وَصُورَة الِاعْتِقَاد بل كثير من مرائى النَّاس إِنَّمَا هِيَ من مُجَرّد صور اعْتِقَادهم المطابق وَغير المطابق
فَإِن الرُّؤْيَا على ثَلَاثَة أَنْوَاع رُؤْيا من الله ورؤيا من الشَّيْطَان ورؤيا من حَدِيث النَّفس
والرؤيا الصَّحِيحَة أَقسَام مِنْهَا إلهام يلقيه الله سُبْحَانَهُ فِي قلب العَبْد وَهُوَ كَلَام يكلم بِهِ الرب عَبده فِي الْمَنَام كَمَا قَالَ عبَادَة بن الصَّامِت وَغَيره
وَمِنْهَا مثل يضْربهُ لَهُ ملك الرُّؤْيَا الْمُوكل بهَا
وَمِنْهَا التقاء روح النَّائِم بأرواح الْمَوْتَى من أَهله وأقاربه وَأَصْحَابه وَغَيرهم كَمَا ذكرنَا
وَمِنْهَا عروج روحه إِلَى الله سُبْحَانَهُ وخطا بهَا لَهُ
وَمِنْهَا دُخُول روحه إِلَى الْجنَّة ومشاهدتها وَغير ذَلِك فالتقاء أَرْوَاح الْأَحْيَاء والموتى نوع من أَنْوَاع الرُّؤْيَا الصَّحِيحَة الَّتِي هِيَ عِنْد النَّاس من جنس المحسوسات

نام کتاب : الروح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست