ولكي تتضح لنا ثقافة البيهقي بعمقها وأصالتها نعرض لكل فن اشتغل به، فحصل منه وأفاد طلابه.
1 - العقيدة:
فأما في العقيدة فقد كان صاحب معرفة واسعة بالمذاهب المختلفة التي تشعبت آراؤها واختلفت أهواؤها، فكانت بمنأى عن العقيدة الإسلامية االصافية، لذلك رأى من واجبه - وهو العالم البصير - أن يدرس العقيدة كما جاءت في منبعها الصافي الأصيل، حتى يسهم في توضيحها كما جاءت في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فألف في ذلك المؤلفات العظيمة، التي سار في تأليفها على طريقة المحدثين، وإن كان في تعليقات وإيضاحه لمسائل العقيدة، قد رضي أن يكون المذهب الأشعري هو السائد على آرائه، مع استقلاله عن الأشاعرة ببعض الآراء في مسائل مهمة متبعاً طريقة السلف فيها، وراضياً بمذهبهم، كما سيتضح لنا ذلك في ثنايا البحث إن شاء الله.
وقد شمل إنتاجه العلمي في هذا المجال كتباً قيمة، منها الخاص في مسائل معينة، ومنها العام لكل مسائل العقيدة.
فكتاب الأسماء والصفات، وكتاب البعث والنشور، وكتاب القدر وإثبات عذاب القبر، جميعها كتب متخصصة، كل منها يدل عنوانه على موضوعه.
أما الشمول فقد اختص به كتاب الاعتقاد.
وسيكون بحثنا هذا من أوضح الشواهد على سعة اطلاع البيهقي ومعرفته في مسائل العقيدة، تقريراً للمعتقد ومناقشة لآراء الخصوم.