الفصل السادس: منهج البيهقي في الاستدلال
لقد تعددت السبل، واختلفت المناهج في الاستدلال على مسائل العقيدة، سيما ما يتعلق منها بذات الله تبارك وتعالى، من إثبات لوجوده ووحدانيته، وأسمائه، وصفاته.
فقد ذهب أناس إلى تقديم الجانب العقلي على الجانب السمعي واعتبار العقل هو الأساس الذي يجب أن يكون تصوّره منطلقاً لإثبات مسائل العقيدة، وذلك هو ما اشتهر عن المعتزلة ومتكلمي الأشاعرة، لذلك اتبع هؤلاء منهجاً فلسفياً، وصفه الدكتور محمود قاسم بأنه أقل وضوحاً وقوة، وأنه منهج واه، لأنه منهج جدل، لا منهج إقناع، وأنه لا يصلح لا للعلماء، ولا للعامة بل هو أعجز عن أن يقنع المتكلمين أنفسهم[1].
إلاّ أن البيهقي - رحمه الله - وإن كان أشعري العقيدة - كما سيتضح لنا ذلك فيما بعد إن شاء الله - فإنه سلك منهجاً متميزاً يتسم بحب واضح، وتفضيل أكيد لسلوك الأدلة النقلية الواردة لإثبات مسائل العقيدة، مع الأخذ بالأدلة العقلية إلى جانب النقلية، وذلك فيما للعقل فيه مجال، كإثبات الوجود، والوحدانية والصفات العقلية. [1] انظر: مقدمة مناهج الأدلة لابن رشد، تقديم الدكتور محمود قاسم ص: 9.