نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 76
وقالت عائشة رضي الله عنها: (من زعم أن محمد رأى ربه فقد كذب ومن زعم أن أحد يعلم الغيب فقد كذب) [1] وما دلت عليه الآيات من الاستثناء في بعضها كقوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء} [2] وقوله جلت قدرته: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [3] الآية، فهذا يدل على أمرين: تأكد النفي وتحققه، وإخراج بعض الأفراد التي يعلمها من شاء الله كما يعلم بالوحي ونحوه [4] .
والواجب على الناس اتباع ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب [1] وهذا الحديث جاء في صحيح البخاري رحمه الله بلفظ: عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب وهو يقول: "لا تدركه الأبصار" ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول: " لا يعلم الغيب إلا الله " وبلفظ: (من زعم أن محمد رأى ربه فقد أعظم ولكن قد رأى جبريل في صورته وخلقه سادا بين الأفق) .
وأخرجه مسلم أيضا في الإيمان باب: معنى قول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} رقم الحديث 177. [2] سورة البقرة: رقم الآية 255. [3] سورة الجن: رقم الآية 27. [4] ولو ترك هذا اللفظ (ونحوه) من هذه العبارة لكان التعبير أعمق وأدق حيث يوهم أن ذلك إلهام وما يراه النائم في نومه ويتحقق عين ما رآه في اليقظة عملا بحديث: "لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب في آخر الزمان" ومن هنا يتشبث به القبوريون أمثال المردود عليه الذين يعتقدون أن الأولياء الذين يعبدونهم من دون الله يعلمون الغيب بطريق الكشف وقطعا لهذه الأوهام الخيالية فإن ترك هذا اللفظ في نظري أسلم فإن قيل بأن الوحي يتناول وحي الرسالة ووحي الإلهام وما يراه النائم في النوم فإنما تتوهمونه يرد عليه كما يرد على هذا اللفظ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى:51) ، وقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (القصص:7) ، وقوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} (النحل:68) .
قلنا إن الإلهام وما يراه النائم فيتحقق في اليقظة ليس من قبيل علم الغيب لا من قريب ولا من بعيد وذلك أن الإلهام هو أن يلهم الله المرء التوجه إلى عمل ما ينفعه في الدين والدنيا وإلى الكف عما يضره ويرشده إلى ذلك ويقوي عزمه عليه ويملأ قلبه ثباتا ويقينا ويشرح صدره لذلك العمل المعزوم عليه وينفذه عمليا لما وقر في قلبه كل ذلك يتم من غير علم من المرء نتيجة ذلك العمل المبرم ولكن توجهه هذا موفق لأنه إلهام من عالم الغيب الذي لا يضل ولا ينسى سبحانه وتعالى وهذا التوفيق لا علاقة للمرء بعلم الغيب وكذلك ما يراه النائم.
نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 76