نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 327
الجنة لأنهم لا يقطعون بأنه فعل المأمور وترك المحظور، ولا أنه أتى بالتوبة النصوح، وإلا فهم يقطعون بأن من تاب توبة نصوحًا، قبل الله توبته. وجماع الأمر: أن الاسم الواحد ينفى ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به، فلا يجب إذا أثبت أو نفى في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام، وهذا فيكلام العرب وسائر الأمم؛ لأن المعنى مفهوم. مثال ذلك: المنافقون قد يجعلون من المؤمنين في موضع، وفي موضع آخر يقال: ما هم منهم، قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [الأحزاب: 18، 19] ، فهنالك جعل هؤلاء المنافقين الخائفين من العدو، الناكلين عن الجهاد، الناهين لغيرهم، الذامين للمؤمنين منهم، وقال في آية أخرى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 56، 57] ، وهؤلاء ذنبهم أخف، فإنهم لم يؤذوا المؤمنين لا بنهي ولا سلق بألسنة حداد، ولكن حلفوا بالله أنهم من المؤمنين في الباطن بقلوبهم، وإلا فقد علم المؤمنون أنهم منهم في الظاهر، فكذبهم الله وقال: {وَمَا هُم مِّنكُمْ} وهناك قال: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ} . فالخطاب لمن كان في الظاهر مسلمًا مؤمنًا وليس مؤمنًا، بأن منكم من هو بهذه الصفة، وليس مؤمنًا بل أحبط الله عمله، فهو منكم في الظاهر لا الباطن.
ولهذا لما استؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل بعض المنافقين قال: " لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه "؛ فإنهم من أصحابه في الظاهر عند من لا يعرف حقائق الأمور، وأصحابه الذين هم أصحابه ليس فيهم نفاق كالذين علموا سنته
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 327